يتيفاجأ الكثير من الناس بأن بعض العادات اليومية البسيطة من شأنها التأثير على الصحة العامة بشكل كامل، وخاصة الحالة النفسية والمزاجية، ووجدت دراسات علمية أجريت مؤخراً وجدت أن ترتيب السرير صباحاً من شأنه ليس فقط تحسين المزاج العام للشخص وتحسين حالته النفسية، وإنما أيضاً يزيد بشكل كبير من احتمالية أن ينجح في حياته العملية ويصبح مليونيراً.
وقالت خبيرة متخصصة في الصحة النفسية عبر مقال كتبته في موقع “بي سايكولوجي توداي” الأميركي، ، فإن الاقتراح المتكرر الذي تقدمه للمرضى الذين يترددون عليها في الأوقات العصيبة هو “عليك بالروتين، وهذا يبدأ بترتيب سريرك عند الاستيقاظ”.
وجاءت هذه النصيحة على لسان الخبيرة النفسية الدكتورة سوزان تراخمان، وهي أستاذة مشاركة في جامعة جورج واشنطن، وأستاذة مساعدة في جامعة فرجينيا كومنولث، وأيضا طبيبة نفسية معتمدة في الطب النفسي للبالغين.
وتقول تراخمان في مقالها، إن الأبحاث تدعم حقيقة أن الأشخاص الذين يُرتبون سريرهم كل صباح هم أكثر عرضة للنجاح، وربما يصبحون أثرياء.
ونقلت الخبيرة النفسية عن راندال بيل، الحاصل على درجة الدكتوراه، وهو عالم اجتماع واقتصادي يدرس السمات الأساسية للأشخاص ذوي الإنجازات العالية، قوله إن من الأمور المشتركة بين الناجحين جميعاً أنهم يقومون بأعمالهم المنزلية ويرتبون أسرّتهم. وفي الواقع، الأشخاص الذين يلتزمون بهذه العادة تزيد احتمالية أن يصبحوا مليونيرات بنسبة تزيد عن 200%.
وتعتبر الخبيرة النفسية أن هذه ليست علاقة سببية، بل ترتبط بعادات إيجابية أخرى تساهم في تحقيق النجاح في الحياة، وبالتالي تحقيق الثراء للشخص، إنها جزء من الحفاظ على روتين يومي.
ولفتت تراخمان أيضاً الى أن الأدميرال ويليام ماكرافن، وهو جنرال عسكري متقاعد من البحرية الأميركية، شغل مناصب مختلفة، بما في ذلك عمله كضابط سابق في قوات النخبة البحرية، وقائد قيادة العمليات الخاصة الأميركية، وكان الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن، يعتبره وزير دفاعه. حيث إن ماكرافن - بحسب ما تذكر تراخمان- إنسان ناجح بكل وضوح، وألّف كتاباً عام 2017 بعنوان: “رتب سريرك: أشياء صغيرة يمكن أن تغير حياتك.. وربما العالم”.
ويلخص ماكرافن في كتابه وجهة نظره بأن ترتيب السرير هو مجرد جزء من روتين يومي يُهيئك للنجاح، كما يشير إلى أيامه كمتدرب في قوات النخبة البحرية، حيث كان المدربون يصلون كل صباح إلى الثكنات، وأول ما يفعلونه هو فحص الأسرّة. ووفقاً للجنرال ماكرافن، كان مطلوباً منه ومن رفاقه ترتيب أسرّتهم على أكمل وجه.
ويقول ماكرافن: “إذا رتبتَ سريرك كل صباح، ستكون قد أنجزتَ أول مهمة في اليوم. سيمنحك ذلك شعوراً طفيفاً بالفخر، وسيشجعك على القيام بمهمة أخرى وأخرى وأخرى. وفي نهاية اليوم، ستتحول هذه المهمة المنجزة إلى مهام عديدة منجزة. كما أن ترتيب سريرك سيعزز حقيقة أن الأشياء الصغيرة في الحياة مهمة. وإن لم تستطع القيام بالأشياء الصغيرة بشكل صحيح، فلن تفعل الأشياء الكبيرة بشكل صحيح أبداً. وإذا كان يومك تعيساً، فستعود إلى المنزل لتجد سريراً مرتباً - الذي رتبته بنفسك - وهذا السرير المرتب يمنحك التشجيع بأن الغد سيكون أفضل”.
وتوضح الخبيرة والطبيبة النفسية تراخمان أن ترتيب السرير يؤدي إلى زيادة إفراز مادة كيميائية في الدماغ تُسمى الدوبامين، والتي غالباً ما تُعزز السلوك، وتُسمى هذه المادة “مادة الشعور بالسعادة”، وتُفرز أثناء الأنشطة الممتعة، وقد أظهرت الدراسات أنها ذاتية الاستمرار. ويُحدد ترتيب السرير نيتك في متابعة الأنشطة المُنظمة الأخرى خلال اليوم، مثل ممارسة الرياضة، وإعطاء الأولوية لمهام العمل الأساسية، وتناول وجبات الطعام بانتظام. كما يُمكن أن يكون ترتيب السرير جزءاً من الحفاظ على بيئة منزلية نظيفة ومرتبة.
وفي إحدى الدراسات البحثية، وجد الباحثون أن عملية الترتيب مرتبطة بتحسن الصحة النفسية لدى كبار السن. وبمجرد أن يكون لديك روتين، فإنه يُقلل من حاجتك لاتخاذ قرارات مُستمرة أو القلق بشأن ما سيأتي لاحقاً.
