استهجن الأمين العام ل”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم، في كلمته الأخيرة التي أعلنء فيها موعد تشييع أمينين عامين للحزب قتلتهما إسرائيل بفارق أيام قليلة، مع أربعة آلاف مقاتل لا يزال المئات منهم مفقودي الجثامين والأثر، (استهجن) ما يسميه “ترويج الهزيمة” التي مني بها حزبه!
اعتبر قاسم أنّ ما وصفه بالترويج هو خدمة للعدو وانحرافا عن الموضوعية، اذ إنّ الحزب، وإن كان قد مُني بخسائر وعجز عن تحقيق “نصر مطلق” إلا أنه، في المقابل حقق نصرًا مرتبطًا بالصمود والاستمرارية”، كما قال!
في الواقع، إنّ تقييم نتائج الحرب التي أطلقها “حزب الله” ليس عملًا ترويجيًّا، بل إنّ محاولة قاسم فرض وجهة نظره، كما لو كانت موجبا وطنيا واخلا قيا،هي التي تدخل في سياق الترويج، وليس العملية التقييمية. الترويج يقوم على تستير الوقائع الموضوعية وتضخيم الرغبات الشخصية فيما يرتكز التقييم على الحصاد والحقائق والمعطيات، بعيدًا عن الرغبوية والتفسيرات العقائدية!
عمليا، يخدم الترويج الذي يمارسه “حزب الله” ويلصقه بالآخرين، المصالح الفئوية الضيقة في حين يجهد التقييم من أجل توفير المصالح الوطنية العليا!
“هزيمة حزب الله” ليست بحاجة إلى “ترويج” بل مزاعم انتصاراته!
في المعطيات الموضوعية التي يحاول الشيخ نعيم قاسم القفز فوقها، يظهر، بوضوح، أنّ “حزب الله” كان قد قدم نفسه محررًا ليس لما يعتبره محتلًا من أراض لبنانية ( مزارع شبعا وتلال كفرشوبا) فحسب بل للقدس ايضًا، وعلى هذه الخلفية دخل في حرب “طوفان الأقصى” وصنّف كل من سقط من مقاتليه في خانة “شهيد على طريق القدس”!
ووعد “حزب الله” جمهوره وبيئته بأنّ الجنوب اللبناني في منأى عن عودة الاحتلال والتدمير، لأنّه أعد العدة، في حال تصعيد المواجهة، للتقدم نحو الجليل واحتلاله، وبأنّه يملك قوة ردع هائلة تحول دون تجرؤ إسرائيل على القيام ب “أي حماقة”، وذهب الحزب إلى حدود وصف وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت “بالمخشخش والمختل”( مصاب بخلل دماغي) عندما أنذر بأنّ “أنوف الطائرات الإسرائيلية تتوجه نحو لبنان”.
والأهم من ذلك، فلقد عمل الوسطاء، لتجنيب لبنان الحرب، على إقناع “حزب الله” بوجوب سحب قواته العسكرية من جنوب نهر الليطاني، تنفيذا للقرار ١٧٠١، ولكن الحزب كان يرفض مبدأ التفاوض،معتبرًا أنّ هؤلاء غشاشون ومخادعون، على اعتبار أنّ إسرائيل لن تحرك ساكنًا تجاه جنوب لبنان.