"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

في لبنان: زواج لخمس سنوات... قابل للتجديد!

كريستين نمر
الخميس، 31 يوليو 2025

في لبنان: زواج لخمس سنوات... قابل للتجديد!

أثار اقتراح النائب اللبناني إلياس جرادة حول “عقد زواج مدني قابل للتجديد لمدة خمس سنوات” عاصفة من الجدل، حيث رأى البعض فيه كارثة وجودية تهدّد مؤسسة العائلة، بينما اعتبره آخرون اقتراحًا عصريًا في بلد لا يزال يناقش الزواج المدني وكأنه بدعة.

وعلى مواقع التواصل، تحوّل المقترح إلى مادة للتندّر والسخرية: “شو رأيك نمدّد… أو خلّينا نوقف هون؟”، فيما شبّهه آخرون بـ”اشتراك إنترنت أو عقد إيجار شقة مفروشة”. ومع ذلك، برزت أصوات شبابية وحقوقية رأت في الطرح خطوة جريئة لكسر احتكار الطوائف للأحوال الشخصية، وفتح الباب أمام قانون مدني موحّد.

في المقابل، عبّرت شخصيات دينية من مختلف الطوائف عن رفض قاطع للمقترح، معتبرة أنه يتناقض مع المبادئ الدينية التي ترى في الزواج ميثاقًا غليظًا لا يرتبط بمهل زمنية. وذهب البعض إلى حدّ وصف الطرح بأنه يفتح الباب أمام التساهل في الزواج وتفكك الأسرة، مشدّدين على أن الحل لا يكمن في تشريعات مدنية، بل في “إصلاح أخلاقي وروحي” يعزّز قيم العائلة والاستقرار، ويحصّن العلاقة الزوجية من التصدع.

ربما أراد النائب جرادة من خلال اقتراحه أن يهزّ “عرش الطائفية”، فطرحه يعبّد الطريق نحو قانون زواج مدني يحرّر العلاقة بين الأزواج من وصاية المرجعيات الدينية، في بلد لا يزال فيه الزواج المختلط يُعدّ “تابو” في نظر كثير من العائلات والمناطق.

على الرغم من جرأة الطرح، يرى بعض المراقبين أن الاقتراح كان ليحظى بتأييد أوسع لو استثنى بند المدة الزمنية القابلة للتجديد، خصوصًا في بلد طائفي كلبنان، حيث ما زال الزواج المدني بحد ذاته محل خلاف. فبدل أن يتحوّل النقاش إلى صراع حول “مدة العقد”، كان الأجدى التركيز على الهدف الأعمق: إقرار قانون مدني موحّد ينظّم الزواج والطلاق والحضانة على أسس عادلة وحقوقية، بعيدًا عن المرجعيات الطائفية.

الطلاق في لبنان: أزمة مسكوت عنها

وسط هذا النقاش، لا يمكن تجاهل الواقع المتفاقم للطلاق في لبنان، حيث سجّلت السنوات الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في حالات الانفصال، مع غياب إطار قانوني موحّد لحماية الطرف الأضعف، وغالبًا ما تكون المرأة. فكل طائفة تطبّق قوانينها الخاصة، ما يُنتج خللاً كبيرًا في العدالة والإنصاف، ويُبقي الكثير من النساء عالقات في زيجات قسرية، أو يعانين من انتزاع حضانة الأطفال أو حرمانهن من الحقوق المادية بعد الطلاق.

وفي هذا السياق، ترى العديد من الجمعيات النسوية أن فتح باب الزواج المدني، ولو بصيغة التجديد، قد يفتح كوة في جدار الطائفية الصلب، ويمهّد الطريق لمساءلة النظام القائم، وصولًا إلى قانون مدني موحّد يعترف بحقوق المرأة كاملة، داخل الزواج وبعده.

يبقى اقتراح جرادة مثيرًا للانقسام، لكنه بلا شك أعاد تسليط الضوء على واقع قانون الأحوال الشخصية الطائفي، وعلى الحاجة إلى نقاش صريح حول حقوق المرأة والأسرة في لبنان. وبين من يراه مدخلاً لتفكيك الطائفية ومن يعتبره تهديدًا للأسرة، يبقى السؤال الأساسي: هل آن الأوان فعلاً لإقرار قانون مدني موحّد، يُنهي التمييز، ويمنح الجميع حقوقهم بعيدًا عن هيمنة الطوائف؟

المقال السابق
إحالة مفتي نظام الأسد بدر الدين حسون إلى التحقيق
كريستين نمر

كريستين نمر

محرّرة وكاتبة

مقالات ذات صلة

بعد 30 عامًا من تجميد الجنين.. "أقدم طفل" يرى النور في الولايات المتحدة

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية