"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

تحليل إسرائيلي/ أعطوا فرصة للشرع

نيوزاليست
الاثنين، 9 يونيو 2025

تحليل إسرائيلي/ أعطوا فرصة للشرع

جاك نيريا- ان ١٢

إن أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، القائد الجديد (وما زال موقتاً) لسورية منذ سقوط نظام الأسد في كانون الأول/ديسمبر 2024، بدأ مساراً جديداً في علاقات سورية الخارجية، وبخلاف التوقعات والتقديرات، أطلق الشرع تصريحات فاجأت الباحثين، وكذلك السياسيين، فيما يتعلق بعلاقة النظام الجديد مع إسرائيل.

لكن تصريحاته التصالحية تجاه إسرائيل قوبلت ببرود، وبشكوك كبيرة حيال نيته الحقيقية. ولا تزال الحجة الأساسية تتمثل في كونه جهادياً سابقاً، إذ كان عضواً في “داعش”، وهو من مؤسّسي جبهة النصرة (المنشقة عن “داعش”)، ومؤسس “هيئة تحرير الشام” التي سيطرت في السنوات الأخيرة على جيب إدلب في الشمال السوري، ونجحت في 8 كانون الأول/ديسمبر في إسقاط النظام الذي حكمته عائلة الأسد وحزب البعث ما يقرب من خمسين عاماً. يستند التعامل الإسرائيلي المشكك والمتهكم إلى مقولة النبي إرميا: “هل يغير النمر جلده؟”

في الوقت الذي يستمر التشكيك في نيات الشرع في إسرائيل،بدوره، الشرع واصل إطلاق تصريحاته التصالحية، ففي كانون الأول/ديسمبر 2024، أعلن أن حكومته “لن تسعى لصراعات، لا مع إسرائيل، ولا مع أيّ جهة أُخرى، ولن تسمح باستخدام سورية كقاعدة لأعمال عدائية من هذا النوع.” وأضاف مؤكداً: “نحن لا نريد تهديد أمن إسرائيل، ولا أمن أيّ دولة أُخرى.”

وكان الموضوع المتكرر في تصريحاته التزام اتفاق فصل القوات (1974)، وأكد أن “سورية ملتزمة باتفاق 1974،” ودعا قوة مراقبي الأمم المتحدة “يوندوف” إلى “العودة إلى خط الفصل الأزرق”.

كذلك، أشار الشرع مرات عديدة إلى أنه بعد سقوط نظام الأسد، “لم يعد هناك ما يبرر للإسرائيليين قصف المنشآت السورية، أو التقدم داخل سورية. لا يوجد لإسرائيل أيّ سبب للاستمرار في إيذاء سورية، وخصوصاً أن النظام الحالي يعارض إيران وحزب الله.”

وبينما يرفع من شأن الحوار، حثّ الشرع إسرائيل على وقف غاراتها الجوية المستمرة على الأراضي السورية، وقال: “إن عصر القصف على طريقة العين بالعين يجب أن ينتهي. فلا يمكن أن تزدهر أمة، سماؤها مليئة بالخوف.”

أميركا تدفع نحو التطبيع مع سورية، وإسرائيل لا تزال مترددة

في الوقت الذي اختارت إسرائيل الرسمية تجاهُل تحركات الشرع، أعلن الأخير في أيار/مايو 2025 أن حكومته تُجري “محادثات غير مباشرة” مع إسرائيل، عبر وسطاء. والهدف المعلن من هذه المحادثات هو “تهدئة الأوضاع ومحاولة تحقيق الاستقرار كي لا تصل الأمور إلى مرحلة تفقد فيها الأطراف السيطرة.”

لقد أوردت مصادر عربية وغربية تقارير بشأن لقاءات عُقدت في أذربيجان والإمارات بين ممثلين للطرفين، وفي الآونة الأخيرة، ذُكر أيضاً إجراء لقاءات في المنطقة العازلة بين إسرائيل وسورية، حيث مثّل الجانب الإسرائيلي رئيس شعبة العمليات في الجيش، بينما مثّل الجانب السوري محافظ السويداء.

علاوةً على ذلك، أفادت تقارير أميركية أنه خلال لقاء تاريخي جمعَ الشرع والرئيس الأميركي، طُلب منه الانضمام إلى مبادرة “اتفاقيات أبراهام” وتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وبحسب تلك التقارير، أعرب القائد السوري عن استعداد مبدئي لذلك، وفتح المجال أمام احتمال تعاوُن مستقبلي مع إسرائيل في قضايا أمنية. وفي تصريح غير مسبوق، أعلن الشرع: “لدينا أعداء مشتركون، ويمكننا أن نلعب دوراً محورياً في أمن المنطقة.” فضلاً عن التصريحات الكلامية، بادر القائد السوري الجديد، واتّخذ خطوة فريدة في نوعها تهدف إلى بناء الثقة مع إسرائيل، ففي مطلع أيار/مايو 2025، تم نقل أغراض شخصية ووثائق وصور تتعلق بإيلي كوهين، الجاسوس الإسرائيلي الذي أُعدم في دمشق في سنة 1965، إلى إسرائيل، وتشير التقارير إلى أن أحمد الشرع صادقَ شخصياً على عملية النقل.

التغيير السوري بقيادة الشرع هو فرصة

بينما نواصل في إسرائيل الإصرار على تسميته بـ”الجولاني”، بدلاً من الشرع، ونتجاهل تحركاته تجاه إسرائيل، تُجري الولايات المتحدة ودول الغرب والدول العربية وتركيا اتصالات تهدف إلى إعادة إعمار الدولة السورية المدمرة. وقد أحسنت الولايات المتحدة حين قررت رفع جميع العقوبات التي كانت مفروضة على نظام الأسد، في حين وقّعت الإمارات عقداً بمئات الملايين من الدولارات لإعادة تأهيل ميناء طرطوس.

وفي هذه الأيام، أعلنت الولايات المتحدة أنها لم تعد تعارض دمج 3500 جهادي في صفوف الجيش السوري الذي تتم إعادة تشكيله، كذلك، قررت سحب قواتها من حقول النفط المعروفة باسم “كونوكو”، لتمكين سورية من استعادة السيطرة على مواردها الطبيعية والحصول على إيرادات لخزينتها الفارغة.

إن تصرفات وتصريحات أحمد الشرع منذ 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، ترسم صورة لقيادة سورية تسعى لتثبيت حدودها والبحث في علاقات جديدة ومغايرة مع إسرائيل. هذه التصريحات، إلى جانب خطوات ملموسة، مثل إعادة أرشيف إيلي كوهين، تدل على تغيير استراتيجي في اتجاه تخفيف التصعيد والانخراط المحتمل في ترتيبات مستقبلية، بعيداً عن عقود من العداء العلني.

اليوم، خلق الواقع الجيو - سياسي تقاطُع مصالح نادراً بين إسرائيل وسورية، فإسرائيل تسعى لمنع تسلُّل الجهاديين نحو هضبة الجولان، وهو سيناريو يحمل في طياته خطر تكرار “كارثة” 7 أكتوبر من هذه الجبهة، ولذلك، فهي بحاجة إلى تعاوُن من النظام السوري الجديد. ومن جانبه، يدرك الشرع تماماً طبيعة العلاقة بين إسرائيل وبعض أفراد الطائفة الدرزية، وكذلك علاقات إسرائيل مع الأكراد، والإمكانات الكامنة في هذه العلاقات لزعزعة استقرار النظام في سورية.

من هذه الزوايا كلها، ونظراً إلى السياسة الأميركية التي تسعى لتحطيم المحور الإيراني، عبر إنشاء بديل إقليمي بقيادتها، من الجدير بصنّاع القرار وراسمي السياسات في إسرائيل محاولة نسيان النبي إرميا ومنح “الفرصة” لشيء مختلف (مثلما قال مناحِم بيغن).

المقال السابق
غروسي ينبه ايران من مغبة عدم التعاون مع وكالة الطاقة الذرية
نيوزاليست

نيوزاليست

newsalist.net

مقالات ذات صلة

ثراء وقلق وتخفٍ... كواليس إقامة الأسد في موسكو

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية