"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

نوح زعيتر.. دراسة في أبعاد شخصية "روبن هوود العصر الحديث"

كريستين نمر
الخميس، 20 نوفمبر 2025

نوح زعيتر.. دراسة في أبعاد شخصية "روبن هوود العصر الحديث"

في كمين محكم نفّذه الجيش اللبناني، سقط أخيراً نوح زعيتر، المعروف إعلامياً بـ “إمبراطور المخدرات”، في قبضة الأمن. على مدى سنوات طويلة، بنى زعيتر “إمبراطورية” واسعة للاتجار بالمخدرات، سيطر من خلالها على الأسواق وصدّر سمومه إلى الخارج، وزرع الهلع في نفوس الكثيرين.

ما يميّز زعيتر هو الجانب الآخر غير المتوقع من شخصيته، الجانب الإنساني الذي دفع بعض سكان منطقته إلى تشبيهه بـ ” روبن هوود العصر الحديث”. فبالتوازي مع نشاطه الإجرامي، اشتهر زعيتر بتقديم الدعم المالي للعائلات الفقيرة، وتسديد فواتير المستشفيات والأقساط المدرسية، وتأمين الكهرباء لأبناء عشيرته. هذه الثنائية جعلت من فهم شخصيته تحدياً، حيث اختلط الرعب بالاحترام والتهديد بالمساعدة.

لا يُعد توقيف نوح زعيتر حدثاً عادياً، بل يحمل أبعاداً تتجاوز الحدود المحلية، إذ من المتوقّع أن ينعكس هذا التوقيف إيجاباً على المحيط العربي والإقليمي، من خلال المساهمة في إعادة الانفتاح على لبنان بعد سنوات من اتهامه وآخرين بإغراق أسواق دول الجوار بالمخدرات بدعم من أحزاب محلية.

بالإضافة إلى تأثيره الإقليمي، يسلّط هذا الحدث الضوء على الطبيعة المعقّدة للشخصيات الجدلية، التي يمكن أن تجمع بين أشد مظاهر الشرّ وأرق لمسات الخير في آن واحد.

التناقض النفسي

لطالما أثار هذا التناقض بين الجريمة والعمل الخيري حفيظة علماء النفس، الذين يرون في شخصيات مثل زعيتر نموذجاً للازدواجية النفسية. فقد أشار الباحثون إلى أن الإنسان قادر على حمل قِيَم متناقضة في الوقت نفسه، مثل العدوانية والرحمة، دون الشعور بتناقض داخلي.

ويؤكد الخبراء أن هذا التناقض نسبيّ ويعكس الطبيعة المعقّدة للبشر، حيث تتعايش دوافع الخير والشر معاً، خاصة عند تقاطع المصالح الشخصية والرغبة في القبول الاجتماعي. ففي حالة زعيتر، ارتبط نشاطه الإجرامي بالنفوذ والمصالح الشخصية، بينما كان الجانب الإنساني وسيلة للحفاظ على القبول الشعبي وتقوية الروابط العشائرية.

تجسّد قصة نوح زعيتر تعقيد الطبيعة البشرية وتعدّد أبعادها، وتُظهر كيف أن الأفراد المصنّفين كـ “أشرار” قد يمتلكون أحياناً دوافع إيجابية، حتى ضمن بيئة الجريمة، وأمثال زعيتر يمثّلون دليلاً حيّاً على التناقض النفسي العميق، حيث يمكن للشخص الواحد أن يكون مصدر خوف ودعم وأمل للآخرين في آن واحد، ما يؤكد أن الفهم الحقيقي للنفس البشرية يتطلب إدراك أبعادها المظلمة والمضيئة معاً.

المقال السابق
من قصد الرئيس عون بـ"النفوس السوداء" التي تحاول تشويه صورة لبنان:؟
كريستين نمر

كريستين نمر

محرّرة وكاتبة

مقالات ذات صلة

سرطان المعدة... هل بات أكثر شيوعاً بين الشباب؟

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية