"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

مسلسل "سلمى".. إطالة مُنهِكة لقصة لا تعكس بيئتها

كريستين نمر
الاثنين، 15 ديسمبر 2025

مسلسل "سلمى".. إطالة مُنهِكة لقصة لا تعكس بيئتها

لا يمكن تبرير كيف تمكّنا، نحن كمشاهدين، من الوصول إلى خواتيم مسلسل “سلمى”، الذي بلغ تسعين حلقة عُرضت على مدى خمسة أشهر عبر عدد من المنصّات العربية، رغم هشاشة بنائه الدرامي واعتماده على إطالة مُرهِقة لقصة كان يمكن اختصارها في نصف هذا العدد، وربما أقل.

المسلسل المعرّب عن عمل تركي، بإخراج وإنتاج وتصوير محلي ومأخوذ أصلًا من مسلسل ياباني، يروي حكاية سلمى (مرام علي)، الأم التي تُجبر على مواجهة الحياة وحدها مع طفليها جولي (روسيل الابراهيم) وشادي (أحمد الجاويش)، وسط الفقر والمرض والمؤامرات العائلية، بعد اختفاء زوجها جلال (نيكولا معوض) في ظروف غامضة. غير أن المشكلة الأساسية لا تكمن في الخط الدرامي فقط، بل في عدم انسجامه - لا شكلًا ولا مضمونًا - مع البيئة العربية التي يُفترض أن يعكسها العمل، فالتفاصيل اليومية والعلاقات الأسرية وحتى السلوكيات البسيطة بدت مستوردة حرفيًا من النسخة التركية، من دون أي محاولة حقيقية للتكيّف الثقافي، ما أفقد العمل مصداقيته.

اعتمد المسلسل على تصعيد مستمر للمآسي، إلى حد بدا فيه البؤس هدفًا بحدّ ذاته لا وسيلة درامية. ومع ذلك، فإن المفارقة الأبرز جاءت في الحلقة الأخيرة، حيث إن مقتل جلال، الشخصية التي دارت حول اختفائها غالبية الأحداث، كان بمثابة مفتاح الخلاص المفاجئ، إذ عمّ السلام والفرح حياة سلمى وطفليها بعد أقل من شهرين على وفاته. هذا التحوّل الحاد يطرح تساؤلات جدية حول منطق السرد، إذ كيف لشخصية كانت سلمى تمضي الليالي وهي تقص الحكايات لطفليها عنها، وكيف لطفل كـ شادي أن يرى والده في المنام من دون أن يعرفه، أن تتحوّل فجأة إلى عبء تزول معه المعاناة بمجرد موته؟

ورغم الأداء الجيّد لعدد من الممثلين، فإن العمل عانى من فوضى واضحة في إدارة الأدوار، شخصيات أساسية اختفت بلا تفسير، فيما تصدّرت أخرى المشاهد في الحلقات الأخيرة وكأنها أُقحمت لسد فراغات درامية متأخرة، ما يعكس ضعفًا في التخطيط السردي.

لعلّ العامل الوحيد الذي خفّف من وطأة المتابعة كان حضور الطفلين شادي وجودي، إضافة إلى خفّة ظل هيفا (نانسي الخوري)، التي منحت المشاهد لحظات عفوية نادرة وسط كمّ من الكآبة والتكرار. ولولا هذه الومضات الإنسانية، لكان من الصعب على كثيرين بلوغ خاتمة المسلسل.

باختصار، يعكس مسلسل “سلمى” أزمة متكرّرة في الدراما المعرّبة، حيث يقتصر العمل على نقل القصة حرفيًا من دون فهم عميق للبيئة الجديدة، مع إطالة الأحداث على حساب المنطق والتماسك السردي.

مسلسل كان يمكن أن يكون مؤثرًا، لكنه غرق في التكرار، وانتهى بخاتمة متناقضة أفرغت معاناته الطويلة من معناها.

ومهما حاول المنتجون صرف الملايين في الدعاية والتسويق، تبقى للمشاهد روحه النقدية التي لا تُخدع بسهولة، لأنه لا يزال قادرًا على تمييز الصدق الفني من الإطالة الفارغة، والمحتوى المترجم من العمل الأصلي.

المقال السابق
أكسيوس: ترامب غاضب من نتنياهو بسبب اغتيال قائد عسكري في حماس
كريستين نمر

كريستين نمر

محرّرة وكاتبة

مقالات ذات صلة

بين الحياة والموت.. 10 نجوم مصريين يعانون من وضع صحي صعب

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية