"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

حين يتحوّل الجنس إلى عبء: قصة امرأة دفعتها "اللا جنسية" إلى الانفصال

كريستين نمر
الثلاثاء، 30 سبتمبر 2025

حين يتحوّل الجنس إلى عبء: قصة امرأة دفعتها "اللا جنسية" إلى الانفصال

‎لم تكن “نوال” (اسم مستعار) تتخيّل أن الزواج الذي بدأ بحبّ كبير سينتهي عند نقطة لم تخطر ببالها يومًا: كرهها للجنس.

‎في بداية العلاقة، حاولت مجاراة زوجها، لكن شيئًا داخلها كان ينطفئ مع كل تجربة حميمية. لم تكن تشعر بأي رغبة أو انجذاب، بل على العكس، كانت تعاني من انقباض جسدي ونفسي قبل كل لقاء، وكأنها تُجبر على أمر لا تفهم سببه.

‎وبعد سنوات من المعاناة الصامتة، صارحته أخيرًا: “أنا لا أريد الجنس، لا أحبّه، لا أشتهيه، ولا أستمتع به.”

‎لم يكن من السهل عليه تقبّل هذه الكلمات. ومع مرور الوقت، واقتراب العلاقة من حافة الانهيار، اقترحت عليه أن يقيم علاقات مع نساء أخريات “ليُشبع رغباته”، كما كانت تقول. لكن غياب الانسجام الجنسي ترك شرخًا عميقًا بينهما، وانتهى الزواج بالانفصال.

‎اللاجنسية: غياب الرغبة لا يعني المرض

‎ما عانته “نوال” لا يُعدّ حالة نادرة أو اضطرابًا نفسيًا، بل يُصنّف ضمن طيف يُعرف باسم اللاجنسية (Asexuality)، وهو توجه جنسي يتمثل في غياب الانجذاب الجنسي تجاه أي شخص، أو غياب الرغبة في ممارسة الجنس.

‎وللاجنسية أشكال متعددة، منها:

‎اللاجنسية الكاملة: غياب تام للرغبة أو الانجذاب الجنسي.

‎اللاجنسية مع نفور: الشعور بالاشمئزاز أو النفور من الجنس (Sex-repulsed).

‎اللاجنسية المحايدة: لا رغبة ولا نفور (Sex-neutral).

‎رمادية الجنسانية (Graysexual): انجذاب نادر أو مشروط.

‎الديميسكسوال (Demisexual): لا يحدث الانجذاب الجنسي إلا بعد تكوّن رابطة عاطفية عميقة.

‎ليس كل اللاجنسيين يكرهون الجنس، فبعضهم قد يمارسه لأسباب مختلفة، مثل الرغبة في الإنجاب أو تلبية رغبة الشريك. لكن بالنسبة لآخرين، كما في حالة “نوال”، تكون التجربة الجنسية مؤلمة وثقيلة نفسيًا .

‎تمييز ضروري: اللاجنسية ليست برودًا جنسيًا

‎يُفرّق الباحثون بين اللاجنسية والبرودة الجنسية. فاللاجنسية تُصنّف كتوجّه جنسي دائم، غير مرتبط بمشكلة صحية أو نفسية، ولا تحتاج إلى علاج لأنها ليست مرضًا. أما البرودة الجنسية، فتكون غالبًا نتيجة اضطرابات نفسية أو هرمونية أو صدمات سابقة، ويمكن علاجها طبيًا أو نفسيًا.

‎العلاقات العاطفية في ظل اللاجنسية

‎يمكن للاجنسيين إقامة علاقات عاطفية عميقة، لكن التحدي يظهر عندما يشعر الشريك “الجنسي” بالحرمان أو الرفض. في مثل هذه الحالات، يلجأ البعض إلى:

‎المصارحة المبكرة.

‎البحث عن شريك لاجنسي أيضًا.

‎إقامة علاقة مرنة وفق شروط واضحة.

‎الانفصال عند استحالة التوافق.

‎الوصمة الاجتماعية: عبء إضافي على النساء

‎تعاني النساء اللاجنسيات، خصوصًا في المجتمعات المحافظة، من ضغط كبير. إذ تُوصَف المرأة التي ترفض الجنس بأنها “باردة” أو “مريضة” أو “معقدة”، في ظل توقعات مجتمعية تفرض عليها الرغبة والخضوع في آنٍ معًا.

‎لا قواعد موحّدة… بل احترام متبادل

‎في العلاقات، لا توجد قواعد واحدة تناسب الجميع. من حق كل شخص أن يفهم رغباته وحدوده، ومن حق الطرف الآخر أن يختار ما يناسبه أيضًا. لكن الأهم هو الصدق، والتفاهم، والاحترام المتبادل.

‎كيف يتعامل الشريك مع الطرف اللاجنسي؟

‎عندما يجد الشريك نفسه في علاقة مع شخص لا يرغب بالجنس أو ينفر منه، من الطبيعي أن يشعر بالرفض أو النقص. وهنا، من المهم:

‎تفهّم اللاجنسية كهوية، لا كرفض شخصي.

‎إدراك أن اللاجنسية لا تعني أن الطرف الآخر غير جذّاب، بل أن الشخص اللاجنسي لا يشعر بانجذاب جنسي عمومًا.

‎الجانب الديني والاجتماعي: بين الحقوق الفردية والتوقعات المجتمعية

‎في كثير من المجتمعات، تُعتبر العلاقة الجنسية في الزواج حقًا وواجبًا شرعيًا، ما يجعل اللاجنسية تحديًا خاصًا. فالنظرة الدينية والاجتماعية قد تُحمّل اللاجنسيين وصمات وتشكيكًا بسلامتهم النفسية أو الجسدية.

‎لذلك، فإن الدعم النفسي والتوعية المجتمعية ضروريان لتخفيف الشعور بالعزلة، ولفتح مساحة آمنة لفهم هذا التوجه.

‎اللاجنسية ليست خطأً… بل تنوع إنساني

‎اللاجنسية، مثلها مثل باقي التوجهات الإنسانية، ليست انحرافًا ولا مرضًا، بل حالة تستحق الفهم لا التغيير، والاحترام لا التشهير. إنها تعكس تنوعًا غنيًا في التجربة البشرية، وتحتاج إلى بيئة تتسع لكل أشكال الهوية والتعبير.

‎لقد آن الأوان أن نُعيد النظر في رؤيتنا للمختلف عنّا، وألا نسعى إلى تغييره، بل إلى تفهّمه، ومنحه المجال ليعيش حقيقته من دون خجل أو وجل أو خوف.

المقال السابق
ترامب يمهل حماس 4 أيام... وإلا "النهاية لن تكون سعيدة"
كريستين نمر

كريستين نمر

محرّرة وكاتبة

مقالات ذات صلة

خلاف على "ناجت ماكدونالدز" ينتهي بمأساة: كلب يفتك بمالكته

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية