أظهرت ردود الأفعال على الفيديو المسيء الذي أعده مطعم “شي غاس” في جبيل واستهدف مطاعم طرابلس، أن الإساءة تجاوزت مجرد التسويق، لتصل إلى تنميط ثاني أكبر المدن اللبنانية واستهدافها في عز موسم سياحي يُأمل أن يعزز مردودها المالي.
وعلى الرغم من أن أحد مبادئ التسويق يعتمد على فكرة “الصدمة”، أي أن “الدعاية السيئة هي دعاية حسنة” للتعريف بالمنتج، فإن الفيديو الأخير خرج عن هذا المبدأ، وأعاد إحياء صراع قديم بين مدينة تسكنها أغلبية مسلمة (طرابلس) ومدينة جبيل ذات الأغلبية المسيحية، كما ظهر في التعليقات والتغريدات التي استنهضت الصراع السياسي والطبقي والطائفي.
ويتهم الفيديو، الذي نشره مطعم “Chez Gass”، مطاعم طرابلس بعدم النظافة، وتقول الممثلة فيه: “الأكل في جبيل أنظف وأطيب من طرابلس… وحسب الإحصاءات فإن طعام بعض المناطق غير نظيف ويعتمد على الغش!”
وأثار الفيديو غضبًا واسعًا في طرابلس على المستويين الشعبي والرسمي، إذ استنكرت البلدية الحدث رغم اعتذار صاحب المطعم، ووعدت باللجوء إلى القضاء بتهم تتراوح بين “تشويه السمعة” و”القدح والذم” و”تقويض الموسم السياحي”، ما قد يترتب عليه دفع تعويضات لمطاعم طرابلس وبلديتها.
ويطال الاتهام مباشرة بلدية طرابلس ومؤسساتها الصح ية والبيئية، فضلاً عن مطاعم المدينة، عبر الترويج لدعاية سيئة وتعميم الإساءة. ورد بعض الطهاة المشهورين بتذكير مطعم “شي غاس” بأن الطهاة في أبرز مناطق جبيل والبترون والمواقع السياحية الساحلية الشمالية يتحدرون من طرابلس، وأن العلامات التجارية في مجال الطعام والضيافة تلتزم بأبرز المعايير الصحية.
وشهدت طرابلس، التي اختبرت أزمات أمنية منذ 20 عامًا على ضوء أزمة سوريا والانقسامات اللبنانية، نهضة ملحوظة في السنوات الأخيرة، مع مشاريع خدماتية وسياحية تستقطب اللبنانيين والمغتربين والأجانب، إضافة إلى مطاعم تحمل علامات تجارية عالمية.
وفي هذا السياق، قد يضع إعلان مشابه المدينة في موقف تنافسي صعب أمام المدن الأخرى. ورغم سحب الإعلان من التداول بفعل الردود الغاضبة، إلا أن تداعياته على المستوى الشعبي لم تنتفِ، حيث استمرت الدعوات لمقاطعة مطعم “شي غاس”.