"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

فيروز الأم... في تراجيديا زياد!

كريستين نمر
الاثنين، 28 يوليو 2025

فيروز الأم... في تراجيديا زياد!

… عبارة غالبًا ما نرددها في ثقافتنا الشعبية، حين يفيض القلب حبًا… “تقبروني يا ماما”

تعبير لا يخلو من التناقض، لكنه يحمل في طيّاته أصدق معاني الدعاء، كأنّ الأم تقول: “دعني أرحل قبلك، كما يليق بحكمة الحياة”… أليس موت الولد قبل والديه خرقًا فادحًا لنظام الطبيعة، وكسرًا مؤلما لمعادلة الوجود؟

فما بالك إذا كانت هذه الأم هي فيروز؟

وما بالك وهي التي بلغت من العمر تسعين، تقف والزمن في وداع نجلها ورفيقها وظلّها وصوتها وأملها وخيبتها؟

من يستطيع تصوّر فيروز، التي صدحت للحبّ، وبيروت، ولبنان بشماله وجنوبه وسهله، وشعبه العنيد والقدس… واقفة بصمتٍ موجِع أمام نعش زياد؟ أيّ كلمات تقوى على تشييد جدار يوازي هذا الحزن؟

نرى فيروز اليوم، وقد صمتت كما لم تصمت من قبل…

صمتٌ لا يشبه صمتها لا في الأناشيد، ولا في كواليس الحفلات، بل صمت أم ثكلى، تتنهّد وجعها، وتكفكف دمعة حارقة انسابت تحت نظارة سوداء من دون أن تُسْكِن وجعًا أوتُطفئ حرقة.

فهل تشكر الله، لأنها عاشت بما يكفي لترى ابنها يحقّق ما حقّق؟

أم تعاتبه لأنه أبقاها حيّة لتشهد على مرضه وعذابه ورحيله؟

أم تُواسي نفسها همسًا: “ها أنا في التسعين، وسألحق به عمّا قريب؟”

واليوم، وهي تودّعه، لا نعرف إن كانت فيروز أمًّا فقط، أم وطنًا كاملاً يعيش وجع الفراق.

من أقسى ما قد يواجهه الإنسان، أن ينجو من كل المحن، ثم يفقد الشخص الذي كان سببًا في تحمّله لها.

وها هي فيروز، أيقونة الصمود، التي بقيت حين سقطت العواصم، تصمد للمرة الأخيرة أمام ما لا يمكن الصمود أمامه.

نحن، الذين نتصبّر بأن فنانينا لا يموتون، لأن أصواتهم تخلّدهم، ننسى أن أمهاتهم، مهما علت قامتُهن، يبقين في النهاية أمّهات.. يتكسّرن على النعوش.. ويغرقن في الدعاء.. ويلُذن بالصمت.. تمامًا… كما هي فيروز الآن.

المقال السابق
تايلند وكمبوديا يتفقان على وقف اطلاق النار فورا
كريستين نمر

كريستين نمر

محرّرة وكاتبة

مقالات ذات صلة

عشرة أطعمة تعيد تحفيز إنتاج الكولاجين في جسمك.. ما هي؟

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية