"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

بنسب مذهلة.. أطباء إيران يلجأون إلى الانتحار

نيوزاليست
الاثنين، 3 فبراير 2025

بنسب مذهلة.. أطباء إيران يلجأون إلى الانتحار

تنعكس الأوضاع المتردية في إيران اقتصادياً واجتماعياً على الأطباء المقيمين، إذ يتحملون مسؤوليات كبيرة لكنهم يتقاضون أجوراً قليلة، ويعملون في ظروف سيئة تنعكس عليهم سلباً ما زاد معدلات الانتحار بينهم مقارنة بباقي الفئات.

انتحر 20 طبيباً مقيماً من مختلف التخصصات في مختلف أنحاء البلاد خلال العام الأخير، كما يقول محمد علي شاهمرادي، الأمين السابق للمجلس النقابي للأطباء المقيمين في زنجان، لـ”العربي الجديد”، لافتاً إلى أن الفترة الأخيرة شهدت ارتفاع الأعداد لتصل إلى أربع وخمس حالات شهرياً، لكن بعضها لا يعلن عنها، معيداً ارتفاع معدلات الانتحار إلى ظروف العمل الصعبة، وعدم التأقلم مع الثقافات المناطقية، وشح الإمكانيات، وسوء معاملة الأطباء من قبل السلطات الصحية.

ويحجب الوضع المتردي أي أفق لدى الأطباء المقيمين بإمكانية بناء حياة عادية مستقبلاً.

والصعوبات التي يواجهها الأطباء الإيرانيون ليست جديدة، لكن سابقاً كانوا يتحملونها، لأن الظروف الاقتصادية كانت أفضل، وكان هناك أفق واضح أمام الطبيب المقيم الذي كان بإمكانه مثلاً شراء سيارة بيجو 206 (سعرها حالياً نحو 10 آلاف دولار) بعد عام من عمله، لكن اليوم لا يستطيع شراءها حتى بعد انتهاء سنوات التخصص الأربع، فضلاً عن انخفاض قدرة الجيل الجديد عن سابقيه في ما يخص التأقلم مع تحديات المهنة الجسدية والنفسية، المتمثلة في بعدهم عن أسرهم، وعدم تمكن معظمهم من الزواج، إما لمشكلات اقتصادية، أو بسبب ضغوط العمل، خاصة أنهم قد تجاوزوا الثلاثين، وينتقلون إلى مناطق نائية، وغير مستقلين مالياً، ما يشكل ضغطاً نفسياً كبيراً عليهم.

34٪ من الأطباء المقيمين يفكرون في الانتحار

تتعدد طرق الانتحار التي يقضي الأطباء بها على حياتهم، يتناولون جرعاً زائدة من المخدرات أو الأدوية، فمؤخرًا انتحر طبيب مقيم في جنوب إيران بحبوب مهدئة بعد تعرضه للإساءة من قبل سكان المنطقة التي يقيم فيها، كما انتحرت طبيبة حامل تقيم في مدينة كرمانشاه انتحرت بجرعة زائدة من “ديجوكسين” (عقار يستخدم لعلاج قصور القلب الاحتقاني والجرع الزائدة منه تؤدي للوفاة).

ويفكر 30% من الأطباء المقيمين في الانتحار، كما يقول الدكتور وحيد شريعت، رئيس جمعية الأطباء النفسيين العلمية لـ”العربي الجديد”، مستنداً إلى بحث علمي قائلاً: “إن لم تكن النسبة هذه قابلة للتعميم فهي تعكس صورة تخمينية عن الواقع الراهن”، مشيراً إلى أن بيانات المجلس الطبي الإيراني توثق انتحار 16 طبيباً اختصاصياً مقيماً خلال عام 2023 “غير أن وزارة الصحة لديها أرقام أكثر دقة، لكن للأسف هذه البيانات سرية ولا يعلن عنها”.

وما يزيد الوضع سوءًا هو حالة الانكار والنفي من قبل الجهات المسؤولة “العاجزة عن تقديم حلول.

وتتوافق النسبة السابقة مع دراسة استقصائية، بعنوان “العوامل المرتبطة بالتفكير في الانتحار بين الأطباء المقيمين في طهران خلال جائحة كوفيد-19: مسح مقطعي متعدد المراكز”، والتي أجراها فريق بحثي بقيادة الدكتورة فهيمة سعيد، أستاذة مساعدة في قسم الطب النفسي بجامعة علوم التأهيل والصحة الاجتماعية في مارس 2024، بمشاركة 353 طبيباً مقيماً، وكشفت أن 34.3% ممن جرى بحثهم لديهم ميول انتحارية.

تراجع المنزلة الاجتماعية

يصف رئيس لجنة الرقابة بالجمعية العلمية للأطباء النفسيين (غير حكومية)، واختصاصي الأمراض النفسية والعقلية، أمير حسين جلالي ندوشن، المجتمع الطبي الإيراني بأنه في طور السقوط من فئة تحظى بمرجعية ومكانة اجتماعية خاصة إلى مرتبة أقل، فالأطباء وخاصة المقيمين باتوا على قناعة بأنهم يخسرون منزلتهم الاجتماعية والاقتصادية، ولم ينف ندوشن أن معظم شرائح المجتمع باتت أكثر عجزاً وفقراً، لكن هذا التردي الاجتماعي والاقتصادي أكثر ظهوراً وتأثيراً في الوسط الطبي.

ولا يعتبر ندوشن في إفادته لـ”العربي الجديد” انتحار الأطباء حالة فردية مرتبطة بالمنتحر فقط، ويرى أنه أمر يمس كل المجتمع، كونه يعبر عن “مأزق في ما يطمحون إليه وهبوط قدرهم مجتمعياً”، مفسراً تعبيره بقوله إنّ الطبيب كان رمز السعادة في المجتمع، ومصدر الاقتدار والطاقة للناس، ولذلك عندما ينتحر يُشعر ذلك المواطنين بوقوع اختلال جاد وكبير، ما يترك أثراً سلبياً على توقع مستقبل واضح وسعيد للجيل الجديد، سواء أراد أن يصبح طبيباً أم لا، بالتالي فإن انتحار الطبيب “قضية اجتماعية ولا ينبغي اختزالها في مشكلة شخص أو أسرة أو نقابة”.

ويرد رئيس مستشفى سينا الأهلي في طهران، الدكتور أرش أنيسيان، لـ”العربي الجديد” بأن معاونية التعليم في وزارة الصحة الإيرانية تتولى مسؤولية الأطباء المقيمين، واتخذت الوزارة في العام الأخير خطوات مثل رفع جزئي للأجور من 200 إلى 250 دولاراً، وكذلك خفض ساعات العمل.

ومع ذلك يرى أنيسيان أن هذه الإجراءات “غير كافية” ولا تلبي حاجات الأطباء المقيمين، في ظل الضغوط المعيشية والنفسية و”فقدان الأمل بالمستقبل”، تحت وطأة الأجور المتدنية، لافتاً النظر إلى أن أعمار الأطباء المقيمين تتراوح بين 30 إلى 40 عاماً، وعليهم تحمل مسؤولية العائلة، لكنّ أجورهم لا تغطي حاجاتهم، وهو ما يدفعهم إلى العمل الإضافي بعد دوامهم.

(العربي الجديد)

المقال السابق
مناورة إسرائيلية على حدود لبنان
نيوزاليست

نيوزاليست

newsalist.net

مقالات ذات صلة

هذا ما علينا أن نفعله في حال تعرضنا لعضة ثعبان سام

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية