واشنطن – وول ستريت جورنال
في ظل الانتشار الواسع للهواتف الذكية، باتت جيوب الأميركيين هدفاً سهلاً لعصابات إجرامية صينية تستخدم الرسائل النصية كوسيلة للاحتيال وسرقة مليارات الدولارات، وفقاً لتحقيق صادم نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال».
وكشف التقرير أن ملايين الأميركيين يتلقون يومياً عشرات الرسائل الاحتيالية التي تحاكي إشعارات رسمية، مثل: «دفع رسوم الطرق الخاصة بك متأخر الآن.. ادفع فوراً لتجنب الغرامة!» أو «عليك دفع رسوم البريد الأميركي قبل إغلاق الشحنة»، أو حتى «أنت مدين لهيئة مالية مدينة نيويورك بسبب مخالفات مرورية غير مدفوعة.. انقر هنا للتسوية». لكن هذه الرسائل ليست سوى فخاخ إلكترونية محكمة تهدف إلى سرقة بيانات بطاقات الائتمان وكلمات المرور.
احتيال منظم بتقنيات متطورة
بدأت هذه العمليات كاحتيال بسيط في أوائل العقد الماضي، لكنها تطورت إلى صناعة إجرامية متكاملة بفضل ما يُعرف بـ«مزارع SIM» — وهي غرف تحتوي على آلاف شرائح الاتصال (SIM) المثبتة في هواتف رخيصة، تتيح لشخص واحد إرسال ملايين الرسائل يومياً، أي ما يعادل إنتاجية ألف هاتف تقليدي.
وقال آدم باركس، مساعد وكيل خاص في إدارة التحقيقات الأمنية الداخلية: «يمكن لشخص في غرفة واحدة إرسال عدد الرسائل التي يرسلها ألف رقم هاتف». وأضاف أن هذه المزارع، التي يُقدر عددها بنحو 200 مزرعة في الولايات المتحدة وحدها، تُدار عن بُعد من الصين، حيث تنسق عصابات منظمة عملياتها عبر الإنترنت، مستغلة ثغرات في قوانين الاتصالات الأميركية.
ضحايا من مختلف الفئات
التقرير أشار إلى أن الضحايا يشملون جميع شرائح المجتمع، من سائقي الشاحنات القلقين من الغرامات، إلى سكان المدن الكبرى الذين يتلقون إشعارات مزيفة بشأن رسوم البريد.
وبمجرد النقر على الروابط المرفقة، يُحوّل الضحايا إلى مواقع إلكترونية مزيفة تقوم بسرقة بياناتهم الشخصية والمالية. وتتبع هذه المواقع كل نقرة يقوم بها المستخدم، وتطلب لاحقاً «رمز تحقق لمرة واحدة» يُستخدم فعلياً لإضافة البطاقة المسروقة إلى محافظ إلكترونية مثل Apple Pay أو Google Wallet، ما يتيح للمحتالين إجراء عمليات شراء فورية.
خسائر بمليارات الدولارات
بحسب مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، تم تسجيل نحو 60 ألف شكوى متعلقة بالاحتيال الإلكتروني في عام 2024 وحده، مع خسائر تجاوزت مليار دولار بين عامي 2022 و2025. وتشير لجنة التجارة الفيدرالية الأميركية إلى أن الولايات المتحدة سجلت أكثر من 300 ألف شكوى حول الاحتيال عبر الرسائل النصية في عام 2024، مع خسائر سنوية تُقدّر بمليارات الدولارات.
جهود أمنية وتحديات دولية
في مواجهة هذا التهديد المتصاعد، أطلقت وزارة الأمن الداخلي الأميركية حملات أمنية لمكافحة هذه الشبكات، شملت مداهمات في ولايتي مينيسوتا وواشنطن، ومصادرة أجهزة وهواتف مرتبطة بالاحتيال. ومع ذلك، تواجه السلطات تحديات كبيرة، أبرزها صعوبة التعاون مع الجهات الصينية، ما يجعل الملاحقة القضائية شبه مستحيلة.
ويحذر الخبراء من أن الاحتيال عبر الرسائل النصية، المعروف باسم «سميشنغ» (Smishing)، أصبح من أكثر أشكال الجرائم الإلكترونية شيوعاً في الولايات المتحدة، داعين إلى تعزيز استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لرصد الرسائل المشبوهة قبل وصولها إلى المستخدمين.
⸻