"علي" في القصر الجمهوري... المطلوب إنصاف أمثاله وليس تمجيد الخطوة

في مشهد لافت، أعلنت اللبنانية الأولى السيدة نعمت عون، عبر حساباتها الرسمية على وسائل التواصل الاجتماعي، انضمام شاب من ذوي الاحتياجات الخاصة إلى فريق العمل في القصر الجمهوري، ورحّبت به بالقول: “أهلاً وسهلاً بك يا علي”، معتبرةً الخطوة “بداية لتطبيق أحكام القانون 220/2000 والاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، التي صادق عليها رئيس الجمهورية جوزف عون في نيسان الماضي”.

رغم أهمية المبادرة وما تحمله من رمزية، إلا أن اللافت أن الأضواء الإعلامية لم تُسلَّط على “علي” نفسه، بل على من قام بتوظيفه. وكأن التعيين بحدّ ذاته يُقدَّم كمنّة أو استثناء، لا كحق طبيعي، ما يثير تساؤلات عمّا إذا كانت هذه الخطوة فعلية في سياق دمج حقيقي، أم مجرّد مبادرة رمزية تُسوَّق كإنجاز غير مألوف.

لا شك أن تعيين شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة في القصر الجمهوري يحمل دلالة إيجابية ويكسر بعض الصور النمطية، لكنه بالمقابل، يسلّط الضوء على الفجوة الكبيرة بين ما يُحتفى به إعلاميًا، وما يعيشه ذوو الإعاقة فعليًا في لبنان.

فتوظيف شخص بناءً على كفاءته يجب أن يكون أمرًا طبيعيًا لا يستدعي كل هذا التمجيد، كما أن تسليط الضوء المفرط على حالة فردية، قد يُفهم على أنه شكل من أشكال التمييز الإيجابي، يُظهِر هؤلاء الأشخاص كاستثناء لا كجزء من نسيج المجتمع.

في بلد يفتقر إلى البنية التحتية المناسبة، ويواجه فيه ذوو الإعاقة تحديات جسيمة في التنقّل والوصول إلى المدارس والمؤسسات والمرافق، يصبح مجرّد انتقال شخص يستخدم كرسيًا متحرّكًا من منزله إلى عمله معركة يومية. فهل يكفي توظيف شخص واحد لتصحيح هذا الواقع؟

نعم، لا يمكن إنكار رمزية الخطوة، لكن العدالة الحقيقية تتحقق فقط عندما لا يُنظر إلى تعيين “علي” أو غيره على أنه حدث استثنائي، بل جزء طبيعي من الحياة العامة.

باختصار، اللفتة تستحق الإضاءة، لكن ليس التمجيد المبالغ فيه. المطلوب هو خطة وطنية شاملة، لا تكتفي بالرموز، بل تترجم القانون إلى واقع ملموس يضمن المساواة والكرامة لجميع المواطنين، دون استثناء.