يروي شاب لبناني كان في زيارة عائلية إلى باريس أنه سمع على متن المترو، في طريق عودته من حفل أقامته السفارة اللبنانية بمناسبة ذكرى الاستقلال، سيدة لبنانية تقول لصديقتها بثقة: “لازم نام بكير… عندي نهار طويل بكرا مع هيدي الل ي عندي، تحتى أقدر أتحمّلها”، في إشارة إلى مرؤوستها التي هي من أصول فرنسية طبعًا.
قد يبدو المشهد عاديًا، لكن اللافت كان إعجاب الشاب بجرأة اللبنانيين في الخارج وثقتهم الكبيرة بأنفسهم، وكأنهم أبناء العاصمة الفرنسية لا زوّارها.
هذا السلوك ليس جديدًا، فاللبناني أينما حلّ يحمل معه الكثير من السخرية والتنمّر الخفيف، فوسائل التواصل الاجتماعي، تكاد لا تخلو من مقاطع للبنانيين في فرنسا يقلدون لهجة وتعابير الفرنسيين وردود أفعالهم، حتى وصل بعضهم إلى تقديم دروس افتراضية في أصول اللغة الفرنسية، وكأنهم يتفوّقون على أهلها أنفسهم.
لكن ما سرّ هذه الثقة؟ ولماذا يشعر اللبناني غالبًا بأنه متفوّق حتى لو كان مغتربًا؟
ينشأ اللبناني، منذ نعومة أظافره داخل بيئة تقدّس ما يسمّى بـ”الشطارة” وهي في الواقع مزيج لطيف من الدهاء والقدرة على “التصرّف” تحت أي ظرف، فالطفل الذي يلتقط الأمور بسرعة ويعرف كيف “يخلّص حالو”، يُحتفى به ويُقال عنه بفخر إنه “على قدّ حالو، أو جوابو تحت باطو”. هذا السلوك الذي يراه علماء النفس جزءًا من الذكاء الاجتماعي، هو في الواقع ركن أساسي من الشخصية اللبنانية.
