"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

اللبناني... ثقة بالنفس أينما حلّ: تفوّق حقيقي أم آلية دفاع نفسية؟

كريستين نمر
السبت، 22 نوفمبر 2025

اللبناني... ثقة بالنفس أينما حلّ: تفوّق حقيقي أم آلية دفاع نفسية؟

يروي شاب لبناني كان في زيارة عائلية إلى باريس أنه سمع على متن المترو، في طريق عودته من حفل أقامته السفارة اللبنانية بمناسبة ذكرى الاستقلال، سيدة لبنانية تقول لصديقتها بثقة: “لازم نام بكير… عندي نهار طويل بكرا مع هيدي اللي عندي، تحتى أقدر أتحمّلها”، في إشارة إلى مرؤوستها التي هي من أصول فرنسية طبعًا.

قد يبدو المشهد عاديًا، لكن اللافت كان إعجاب الشاب بجرأة اللبنانيين في الخارج وثقتهم الكبيرة بأنفسهم، وكأنهم أبناء العاصمة الفرنسية لا زوّارها.

هذا السلوك ليس جديدًا، فاللبناني أينما حلّ يحمل معه الكثير من السخرية والتنمّر الخفيف، فوسائل التواصل الاجتماعي، تكاد لا تخلو من مقاطع للبنانيين في فرنسا يقلدون لهجة وتعابير الفرنسيين وردود أفعالهم، حتى وصل بعضهم إلى تقديم دروس افتراضية في أصول اللغة الفرنسية، وكأنهم يتفوّقون على أهلها أنفسهم.

لكن ما سرّ هذه الثقة؟ ولماذا يشعر اللبناني غالبًا بأنه متفوّق حتى لو كان مغتربًا؟

ينشأ اللبناني، منذ نعومة أظافره داخل بيئة تقدّس ما يسمّى بـ”الشطارة” وهي في الواقع مزيج لطيف من الدهاء والقدرة على “التصرّف” تحت أي ظرف، فالطفل الذي يلتقط الأمور بسرعة ويعرف كيف “يخلّص حالو”، يُحتفى به ويُقال عنه بفخر إنه “على قدّ حالو، أو جوابو تحت باطو”. هذا السلوك الذي يراه علماء النفس جزءًا من الذكاء الاجتماعي، هو في الواقع ركن أساسي من الشخصية اللبنانية.

آلية دفاع نفسي في وجه الضغوط

في علم النفس، الشعور بالتفوّق يعمل كدرع نفسي يساعد المرء على التأقلم في بيئات جديدة، لكنه قد يتحوّل أحيانًا إلى سلوك دفاعي لإخفاء القلق الداخلي، من هنا فإنّ ثقة اللبناني ليست مجرد طبيعة شخصية، بل نتيجة تاريخ اجتماعي طويل من التحدّي والبقاء. فعندما يشعر الإنسان بالعجز في وطنه، قد يصنع في داخله صورة ذاتية قوية ليواجه بها العالم، وبالنسبة للبناني، هذا “التفوّق” قد يكون وسيلة لا واعية للقول رغم كل شيء… أنا قادر، أنا مهم، أنا موجود.

الاغتراب يعزّز الهوية بدل أن يخفّفها

بحسب خبراء الهجرة، يشعر الإنسان بالغربة بأنه مُراقب ومُقارَن دائمًا مع الآخرين. ولأن اللبناني يأتي من واقع صعب، يتولّد لديه اعتقاد بأنه “أقوى” وأكثر قدرة على مواجهة المتاعب من غيره. هذا الشعور يتحوّل في الخارج إلى تفوق ضمني يظهر في الكلام والسلوك.

حب الظهور… أم حب الحياة؟

يُتّهم اللبناني غالبًا بحبّه للظهور والتفاخر، وقد يكون ذلك صحيحًا جزئيًا، لكن خلف هذا الاتهام دافع آخر، فاللبناني يحب الحياة ويخشى الرتابة، ويبحث دائمًا عن “القيمة المضافة” في أي مكان يذهب إليه، هذا ما يجعله يتحرك بثقة، يتكلم بثقة، ويبدو كأنه “ابن البلد” حتى لو كان سائحًا منذ 48 ساعة فقط.

ولكن هل هذا التفوّق حقيقي أم مبالغ فيه؟

يقول الباحثون في علم الاجتماع إن اللبناني هو مزيج من شخصيّة مليئة بالتناقضات: “جرأة مع هشاشة، ثقة عالية مع قلق داخلي متوارِ، حضور لافت يخفي ذاكرة مليئة بالتحدّيات، ولكن في نهاية المطاف، هذه الشخصية الفريدة هي التي مكّنت اللبناني من النجاح عالميًا، ومن الظهور بثقة أينما ذهب… حتى في المترو الباريسي.

المقال السابق
رحلة البحث عن الاستقلال المفقود!
كريستين نمر

كريستين نمر

محرّرة وكاتبة

مقالات ذات صلة

لسرقة آلاف الدولارات.. شيرين عبد الوهاب في المخافر ثانية

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية