"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

آه يا "أبو عمر"… والله ما قصّرت وصحتين على قلبك!

كريستين نمر
الخميس، 25 ديسمبر 2025

آه يا "أبو عمر"… والله ما قصّرت وصحتين على قلبك!

لم يحتج “الشيخ أبو عمر” لإتمام “تنصيبته” سوى هاتف، ونبرة واثقة، ولهجة خليجية سليمة، وقائمة طويلة من السياسيين اللبنانيين الجاهزين دائماً لتصديق أيّ صوت يأتيهم من الخارج ويعدهم بالسلطة.

“شيخنا” الوهمي هذا لم يخترع شيئاً جديداً، بل قرأ المشهد اللبناني بدقّة: سياسيون شبقون للسلطة، طموحات معلّقة، عطش مزمن إلى الرضى الخارجي، واستعداد عالٍ لتصديق الوهم، خاصةً إذا جاء موقَّعاً باسم دولة كبرى.

وللأمانة والإنصاف، لم يفرض “أبو عمر” نفسه على أحد. الرجل اتصل فقط… والباقي أنجزه الخيال السياسي اللبناني بنفسه، كلّ سياسي أضاف إلى الصوت ما يناسب حاجته: هذا تخيّل خزنته ممتلئة، وذاك رأى نفسه رئيساً للحكومة، وثالث توهّم صورته البهيّة إلى جانب مسؤول كبير لم يره يوماً.

لكن هل يمكن اعتبار هؤلاء السياسيين ضحايا؟

نعم، ولكن من نوعٍ خاص، هم ضحايا شغفهم المرضي بالسلطة، وضحايا قناعة راسخة بأن التسلّط لا يأتي من الناس، ولا من المؤسسات، ولا من العمل العام، بل دائماً عبر طرق مريبة ووساطات غامضة، هم ضحايا خيالهم، لأنهم قرّروا أن يصدّقوا ما يريدون تصديقه.

أما “أبو عمر”، ومع هذه “التنصيبة”، فبدا كأكثر الشخصيات انسجاماً مع الواقع. لم يعد بشيء ملموس، لم يقدّم مستندات، ولم يظهر في مناسبات عامة، ومع ذلك صُدّق، لأنه يفهم السياسة اللبنانية أكثر من أهلها، السياسة هنا ليست وقائع بل إيحاءات، ولا مؤسسات بل وساطات، ولا برامج بل “مين بيعرف مين”.

المفارقة الساخرة أنّه عند انكشاف اللعبة، ساد الصمت، بل جرى التهجّم على من تطرّق إلى الموضوع، ولو بمزحة أو غمزة.

من هنا، قد يكون التعاطف مع “أبو عمر” مشروعاً، لأنه عرّى طبقة شاذة تمارس يومياً على المواطن الاحتيال الحقيقي باسم السياسة. وإذا كانت جريمته أنه ادّعى نفوذاً، فالجريمة الأكبر هي وجود من سمعه، وصدّقه، وبنى حساباته عليه.

المقال السابق
سوريا تعلن استبدال العملة وحذف صفرين وهذا شكلها
كريستين نمر

كريستين نمر

محرّرة وكاتبة

مقالات ذات صلة

انفصال الإعلاميَين عمرو أديب ولميس الحديدي

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية