أعربت فرنسا عن رفضها الشديد للعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على المفوض الأوروبي السابق تييري بريتون وأربع شخصيات أوروبية أخرى، معتبرة أنها «إجراءات ترهيبية تمس السيادة الرقمية الأوروبية». الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكد في تصريحات على منصة X أن «التشريعات الرقمية الأوروبية تم ا عتمادها ديمقراطياً لضمان منافسة عادلة بين المنصات، ولا تستهدف أي دولة خارج الاتحاد»، مشدداً على أن «قواعد الفضاء الرقمي الأوروبي يجب أن تُحدد داخل أوروبا فقط».
ماكرون أضاف أن بلاده «ستواصل الدفاع عن السيادة الرقمية والاستقلال التنظيمي»، وكشف عن اتصاله ببريتون لتأكيد دعمه الكامل له، قائلاً: «لن نتراجع وسنحمي استقلال أوروبا وحريات الأوروبيين».
الموقف الفرنسي جاء متسقاً مع تصريحات وزراء ومسؤولين أوروبيين، حيث أوضح وزير الخارجية جان-نويل بارو أن «لائحة الخدمات الرقمية لا تحمل أي طابع خارج إقليمي ولا تستهدف الولايات المتحدة»، فيما شدد المفوض الأوروبي ستيفان سيجورنيه على أن «أي عقوبات لن تُسكت سيادة الشعوب الأوروبية».
في المقابل، اتهمت واشنطن المسؤولين الأوروبيين المستهدفين بأنهم «نشطاء راديكاليون» سعوا لإجبار المنصات الأميركية على «فرض الرقابة وحذف الآراء الأميركية»، مؤكدة عبر بيان لوزارة الخارجية أن «إدارة ترامب لن تتسامح مع هذه الرقابة خارج الإقليم»، ومهددة بتوسيع قائمة العقوبات إذا لم يغيّر الأوروبيون نهجهم.
الأزمة تمثل حلقة جديدة في سلسلة التوترات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وهذه المرة حول تنظيم شركات التكنولوجيا الكبرى في ا لقارة الأوروبية.
تشكل هذه العقوبة في الواقع نتيجة مباشرة للغرامة البالغة 120 مليون يورو التي فرضها الاتحاد الأوروبي على شبكة التواصل الاجتماعي X في بداية ديسمبر بسبب عدم الامتثال للوائح قانون الخدمات الرقمية (DSA)، وهو تنظيم أوروبي يلزم المنصات بزيادة اليقظة في مكافحة المحتويات غير القانونية والمعلومات المضللة. وقد وصف ماركو روبيو هذه الغرامة بأنها «هجوم على جميع منصات التكنولوجيا الأميركية وعلى الشعب الأميركي من قبل حكومات أجنبية».
العقوبات بين دول تُعدّ حلفاء منذ زمن طويل – مثل الولايات المتحدة والدول الأوروبية – نادرة، إن لم تكن شبه معدومة. وهي تعكس اليوم الانقسام السياسي العميق بين ضفتي الأطلسي.
