كشف توم براك أن التعاون الاستخباراتي التركي ساعد في القضاء على تسع خلايا لحزب الله خلال الأسابيع الأخيرة
في مقابلةمعه خلال مؤتمر جيروزاليم بوست في واشنطن، كشف السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص إلى سوريا، توم باراك، عن رؤية شاملة للشرق الأوسط، ركّز فيها على أدوار سوريا وتركيا وإسرائيل في المرحلة المقبلة.
أوضح باراك أن مهمته تتمحور حول سوريا، حيث يقود جهودًا أمريكية للتوصل إلى ترتيبات أمنية وحدودية بين دمشق وتل أبيب. وقال:
«كنت أعتقد أننا أقرب إلى الاتفاق حتى قرأت الصحافة الإسرائيلية… ولكن سنصل إلى ذلك».
وأشار إلى تحقيق تقدم حذر لكنه مهم في المحادثات، مؤكدًا أن سوريا لم تعد مهتمة بالعداء تجاه إسرائيل، بل منشغلة بتهديدات تنظيم داعش وبقايا المقاتلين الأجانب والميليشيات الإيرانية.
وكشف أن التعاون الاستخباراتي التركي ساعد في القضاء على تسع خلايا لحزب الله وعدة خلايا لداعش خلال الأسابيع الأخيرة. وأضاف:
كما اعتبر أن العودة إلى صيغة معدّلة من اتفاق فك الاشتباك لعام 1974 أمر ممكن، مع تحديث الآليات لتناسب الواقع الحالي.
باراك شدد على أن إسرائيل لم تعد تبحث عن انسحاب إقليمي بسيط، بل عن نموذج شبيه باتفاقيات ما بعد كيسنجر مع مصر، يشمل مناطق محدودة التسليح، ترتيبات جوية، وآليات تحقق صارمة. وقال: «بعد السابع من أكتوبر، إسرائيل لا تثق بأحد… لذلك عرضنا أن نكون قوة حفظ سلام، حيث يحل التحقق محل الثقة».
ورأى أن سوريا تمثل «أضعف حلقة» في المشهد الأمني الإسرائيلي، إذ لا تضم جيشًا غير نظامي بحجم حزب الله، وتواصل يوميًا ضرب داعش وأصول الحرس الثوري الإيراني. واعتبر أن هذه فرصة لإسرائيل لإظهار دورها كعامل استقرار مع خنق إيران ماليًا.
تناول باراك أيضًا مسار تطبيع العلاقات بين أنقرة وتل أبيب، رغم رفض إسرائيل مشاركة تركيا في القوة متعددة الجنسيات المقترحة لغزة بعد الحرب، بسبب علاقاتها مع حماس. لكنه أكد أن واشنطن ترى دورًا محوريًا لتركيا بفضل قوتها البرية الكبيرة وقنواتها المفتوحة مع أطراف عدة، ما قد يساعد في «خفض التوتر».
وأشار إلى أن الواقع الاقتصادي التركي، من تضخم يتجاوز 50% وعملة منهكة، يقلل من شهية أنقرة لأي مغامرات توسعية.
ورفض الروايات الإعلامية المبالغ فيها عن «إحياء الإمبراطورية العثمانية» أو «تمدد إسرائيل من البندقية إلى دبي»، واصفًا إياها بـ«الهراء».
ورغم التوترات السياسية، أكد وجود مسار نحو تطبيع فعلي بين نتنياهو وأردوغان، لما يحمله من مكاسب استراتيجية، أبرزها ربط القوقاز وآسيا الوسطى والبحر المتوسط عبر تركيا وإسرائيل، وتقليص الاعتماد على الممرات الإيرانية. لكنه أقر بأن العقبة الكبرى تبقى إيران.
باراك أشاد بما سماه «لحظ ة ترامب» في المنطقة، معتبرًا أن الرئيس ترامب أطلق نهجًا يقوم على التحرك السريع بدلًا من العمليات البيروقراطية الطويلة، مستشهدًا باتفاقيات أبراهام كدليل على أن الازدهار هو أسرع طريق لتخفيف النزاعات، وهو نهج يمكن تطبيقه على سوريا.
وفي رؤيته، يقف الشرق الأوسط عند مفترق طرق، حيث تفشل نظريات «بناء الدول» أمام واقع الانقسامات القبلية، بينما تنجح القوة المدروسة والنهضة الاقتصادية والترتيبات المتبادلة في تفكيك الأزمات بدلًا من تجميدها. وختم قائلًا:
«هذه هي اللحظة… إذا لم نستغلها الآن، قد لا نحصل على فرصة أخرى».
براك وفق اسرائيل
وكانت إسرائيل اتهمت براك، بالانحياز إلى أنقرة والدفاع عن مصالحها في المنطقة.
ونقل موقع والا الإسرائيلي، الثلاثاء، عن مسؤول إسرائيلي رفيع قوله إن تل أبيب تشعر بقلق بالغ إزاء تصريحات باراك الأخيرة، مضيفًا: «باراك يتصرف وكأنه سفير تركيا، ويؤثر سلبًا على مجريات الأحداث في الشرق الأوسط».
وأشار المسؤول إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعتبر باراك «شخصًا يتصرف بعدائية تجاه إسرائيل»، لافتًا إلى أنه «متأثر بشكل مفرط بالمصالح التركية في سوريا ويتصرف كسفير يخدم أنقرة».
التقرير تطرق أيضًا إلى تصريحات أدلى بها باراك مؤخرًا في الدوحة، حيث قال:
«يمكن لإسرائيل أن تدّعي أنها ديمقراطية، لكن في هذه المنطقة، ما نجح أكثر — سواء أعجبكم أم لا — هو الملكية المستنيرة».
