تشهد العلاقات بين القيادة السورية الجديدة وروسيا تحولات لافتة بعد أشهر من الفتور، مع عودة الوفود العسكرية والسياسية إلى موسكو وتهيئة الأجواء لقمة روسية–عربية منتصف تشرين الأول/ أكتوبر.
لكن هذا التقارب يوازيه غموض متزايد يلف مصير بشار الأسد، الذي يعيش في موسكو تحت حماية الكرملين، وسط شائعات متكررة عن تعرضه لمحاولات تسميم.
ففي يوليو الماضي، زار وزير الدفاع مرهف أبو قصرة ووزير الخارجية أسعد الشيباني موسكو للقاء الرئيس فلاديمير بوتين، قبل أن يعلن الرئيس السوري أحمد الشرع، قبول دعوة لحضور قمة موسكو المقبلة.
كما استؤنفت الدوريات العسكرية الروسية في القامشلي شمال شرقي سوريا، فيما تبحث دمشق الجديدة إمكانية توسيعها إلى الجنوب، في مؤشر على إعادة ترميم التحالف مع موسكو.
إلا أن صحيفة “ذا تايمز” البريطانية كشفت أن هذه التحركات الدبلوماسية تتزامن مع تقارير عن وضع صحي حرج للأسد، ونقلت عن “المرصد السوري لحقوق الإنسان” أنه أُدخل إلى مستشفى بضواحي موسكو بداية الأسبوع بعد إصابته بتسمم، قبل أن يخرج منه صباح الإثنين.
وأضاف التقرير أن “الجهة التي نفذت العملية تسعى لإحراج الحكومة الروسية واتهامها بتصفيته”، من دون تأكيد أو نفي رسمي.
صفقة صمت
وبحسب نيكيتا سماجين، الخبير في شؤون الشرق الأوسط لدى مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، فإن عودة الدفء بين دمشق وموسكو تعكس براغماتية القيادة الجديدة، لكن وجود الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد في روسيا يظلّ عبئاً، وقال : “أعتقد أن الأسد آمن في موسكو، لكن جزءاً من الصفقة أن يلتزم الصمت”.
وهكذا، بينما تواصل دمشق الجديدة ترتيب أوراقها بين موسكو وتل أبيب، يظلّ الأسد حاضراً في الشائعات أكثر منه في الواقع السياسي، رمزاً لمرحلة انتهت، ولكنها لم تختفِ بعد من الذاكرة السورية والروسية على حد سواء.
من قصر دمشق إلى أبراج موسكو سيتي
ويقيم الأسد، الذي أُطيح به في كانون الأول/ديسمبر الماضي بعد ثلاثة عشر عاماً من الحرب، مع أسرته في موسكو سيتي، الحي الفاخر المعروف بناطحات السحاب. بعد أن اشترى أقاربه بين عامي 2013 و2019 عقارات هناك بقيمة تتجاوز 30 مليون جنيه إسترليني، بحسب منظمة “غلوبال وِتنِس”، ويظل مكان إقامته الدقيق وزوجته أسماء الأخرس وأولادهما الثلاثة سرياً، فيما يحرسهم جهاز أمني خاص.
وظهر ابنه الأكبر، حافظ في شباط/فبراير الماضي في صور أمام جامعة موسكو حيث ناقش أطروحة دكتوراه في الرياضيات، لكن الأسد نفسه وزوجته، المصابة بسرطان الدم وفق تشخيص العام الماضي، يلتزمان الغياب التام عن الأ ضواء.