"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

تخلّص من جراح الطفولة بإعادة تربية ذاتك ... كيف؟

نيوزاليست
السبت، 3 مايو 2025

تخلّص من جراح الطفولة بإعادة تربية ذاتك ... كيف؟

إذا ترعرعتِ في منزل تعرّضت فيه للتنمّر من قبل والدك، فيُحتمل أنه امتنع عن إظهار الحب والدفء لك، وكان سريعًا بانتقادك إذا لم تجرِ الأمور وفق مشيئته. وعندما بلغت، وجدت نفسك تَسعَى لإرضاء الآخرين في حياتك، خوفًا من الرفض أو الاهمال العاطفي.

هذا الألم الذي عانيت منه في طفولتك والآثار التي حملتها معك إلى مرحلة البلوغ، تُشكّل مثالًا جيدًا على اللحظة التي قد يكون فيها الوقت قد حان لبدء “إعادة تربية نفسك”، وفق نيكول جونسون، المستشارة المهنية المرخصة في بويزي، أيداهو، التي أضافت أنّ “الكثير منّا يعيش مع جروح الطفولة التي تؤثّر على علاقاتنا، واختياراتنا، وكيفية تعاملنا مع الحياة، ونحن لم ندرك بعد الرابط بينها”.

وهنا يأتي دور “إعادة التربية”. قد تعتقد أنها نوع من الاستمتاع المفرط، أو عذرًا لشراء الدمية التي كنت ترغب بالحصول عليها عندما كنت صغيرًا، لكن “إعادة التربية الذاتية” تقنية علاجية قد تساعدك على إنقاذ نفسك والأجيال التالية من الكثير من الألم.

ولفتت جونسون إلى أنّ الناس غالبًا ما يعاملون أنفسهم ومشاعرهم بذات الطريقة التي عامَلهم بها أهلهم. وإعادة التربية للذات هي عملية إعادة تعلم كيفية الاستجابة لنفسك بطريقة أفضل وأكثر لطفًا.وأضافت: “إعادة التربية الذاتية تمثّل عمليّة تتعلّم من خلالها كيف تتعرّف على الجوانب التي تحتاج فيها إلى أن تُربي نفسك من جديد، والأماكن التي تحتاج إلى إنضاج ذاتك”، متابعة أنها “عملية ثقافة وتطبيق أدوات جديدة، ومعتقدات، وتصورات مختلفة حول الطريقة التي تعامل بها نفسك في الحاضر”.

وأشارت جونسون، مؤلفة كتاب “إعادة تربية الطفل الداخلي: شفاء الصدمات الطفولية غير المحسومة واستعادة التكامل عبر التعاطف مع الذات”, الذي سيصدر في يوليو/ تموز، إلى أنّ هذه الأدوات والمعتقدات تستحق بذل الجهد من أجلها، موضحة أن “الكثير منّا يحاولون أن يفهموا كيف يتعاملون مع أجيال سابقة سبّبت لهم الأذى، وفي الوقت ذاته نحاول تربية أجيال جديدة لن تختبر هذا الألم. الكثير منّا يحاول اكتشاف الطريق، وإعادة التربية الذاتية تقدم إجابة على كل تلك التساؤلات”.

ليست عودة للتصرف كالأطفال

إعادة التربية الذاتية لا تعني الانغماس في كل رغباتك، ولا تعني التصرف كأنك رضيع مجددًا. لكنها، كما أوضحت الدكتورة أفيغاييل ليف، الاختصاصية النفسية المعتمدة في مركز العلاج السلوكي المعرفي بمنطقة الخليج، تتطلب الاعتراف بأن الكثير من أفكارك وسلوكياتك التي ترغب بتغييرها تعود إلى مشاعر قديمة مرتبطة بصدمات الطفولة أو الطفل الداخلي فيك.

أما الشفاء من تلك الصدمات، فغالبًا ما يتطلب الاستجابة لطفلك الداخلي كما لو كنت والدًا محبًا وسليمًا نفسيًا، على حد قول جونسون.

ففي الأوقات الصعبة، ما كنا نحتاج إليه كأطفال هو والد أو والدة يتّسمان بالدفء والحب، مع حدود واضحة وثابتة، وهذا هو الدور الذي ينبغي أن تؤديه لنفسك خلال إعادة التربية وأنت بالغ.

ولفتت جونسون إلى أنّ “الكثير منّا يجلدون أنفسهم أو يكرهون أنفسهم، وهذا الشعور بالخزي والكره يدفعنا إلى التخدير العاطفي، ثم إلى إيذاء الذات والانخراط في سلوكيات مضرة أو مفرطة. لكن الوالد السليم، الواعي، المتزن، لن يصرخ في وجهك بسبب ذلك، لكنّه أيضًا لن يسمح لك بالاستمرار فيه”.

في مثال الأب المتنمّر، لن تقوم بتوبيخ الطفل لأنه خائف من إغضاب والده، بل ستوجهه ليتعلم كيف يدافع عن نفسه عندما يستطيع، وتساعده على تطوير طرق صحية للتعامل عوض الاعتماد على إرضاء الآخرين فقط.

التعاطف مع الذات

التعاطف مع الذات يعني أن تعترف بمشاعر الطفل الداخلي فيك، سواء كانت توترًا أو خوفًا أو غضبًا أو حزنًا، ثم تتخذ قرارات راشدة كبالغ حول أفضل طريقة للمضي قدمًا، بحسب الدكتورة ليف، التي قالت أيضًا:“نحن لا نُبرر السلوكيات السيئة، بل نُقر بالمشاعر الداخلية ونستجيب لها بتعاطف”.

وإذا بدا لك أنّ معالجة جراح الطفولة والتعامل مع الذات بلطف نوع من الأنانية، من المهم أن تتذكر أن التعاطف مع الذات غالبًا ما يجعل الإنسان أكثر تعاطفًا مع الآخرين.

هل إعادة التربية الذاتية مناسبة لك؟

أوضحت جونسون أنّ الصدمة والإساءة لا تقتصران فقط على العنف الجسدي أو الإهمال، بل تشمل أيضًا التجارب العاطفية المؤلمة. وقد يكون جزء من الشفاء هو إدراك أن تجربتك تستحق أن تُعاد تربيتها.

وقال الدكتور برايان رازينو، الاختصاصي النفسي في مدينة فولز تشيرش بولاية فيرجينيا، إن غياب الدفء العاطفي من أحد الوالدين قد يترك جرحًا لدى الطفل. كما أن الفوضى أو الارتباك داخل المنزل قد تُسبب الأذى أيضًا.

وأضاف أن طريقة حديثك مع نفسك يمكن أن تكون مؤشرًا قويًا لمعرفة ما إذا كانت إعادة التربية ستفيدك.

هل تشعر بالذنب عندما تدافع عن نفسك أو تقول “لا”؟

هل تعاني لتشعر أنك كافٍ أو أنك أنجزت ما فيه الكفاية؟

هل تشعر بتوتر شديد أمام الشخصيات ذات السلطة؟

هل تجد صعوبة في الانفتاح على الآخرين، أو تخشى الهجر في علاقاتك؟

إذا أجبت بـ”نعم” على بعض هذه الأسئلة، فقد يعني ذلك أنك لم تُدرّب على كيفية التعامل مع هذه المواقف في طفولتك، وحان الوقت لتُعلّمها الآن لنفسك، وفق رازينو.

يمكنك البدء الآن

يمكن البدء إعادة تربية ذاتك بخطوات بسيطة، ولها عنصران أساسيان:

التعرف على كيف تظهر الصدمات في حياتك الحالية والقيام بتغييرات تساعد على شفاء تلك الجراح.

قالت جونسون: “إذا كنت أكثر لطفًا مع نفسك اليوم، أو اكتسبت وعيًا جديدًا، كأن تدرك فجأة أنك تتحدث إلى نفسك بالطريقة التي كانت يتحدث بها والدك معك، أو تمكنت من تحديد جرح طفولي.. فكل هذا يُعد أحد أشكال إعادة التربية”.

فإذا كنت مثلاً الشخص الذي كان لديه أب متنمر، تنصحك جونسون بأن تبدأ بتحديد مشاعرك الحالية، مثل: “أنا خائف من الرفض أو الانتقاد”، ثم تقدم لنفسك كلمات طمأنة ولطف.

ربما تقول لنفسك: “أنا أستحق الحب بغض النظر عن أدائي. أنا أقبل ذاتي وأوافق عليها”.

وللانتقال إلى مستوى أعمق في العمل مع الطفل الداخلي، توصي جونسون بتكوين علاقة حقيقية معه. “تخيل أنك ترى طفلًا خائفًا أو حزينًا، هل ستبدأ بالصراخ عليه وإعطائه الأوامر؟ بالطبع لا”.

ولفتت جونسون إلى أن تكوين علاقة مع الطفل الداخلي قد يتضمّن أحيانًا القيام بأمور لكانت النسخة الأصغر منك أحبتها، مثل الجري تحت المطر، أو مشاهدة فيلم مفضل، أو تحضير طبق كنت تحبه في طفولتك.

ثم تأتي الخطوة الأهم: منح هذا الطفل داخلك ما كان يحتاجه عندما تألم.

فعلى سبيل المثال، في حالة الأب المتنمر، يمكنك أن تمنح طفلك الداخلي الحب والدفء الذي كان يتوق إليهما.

المقال السابق
قراءة فرنسية للواقع السوري: لا بديل عن أحمد الشرع
نيوزاليست

نيوزاليست

newsalist.net

مقالات ذات صلة

كارول سماحة تنهار في الوداع الأخير لزوجها

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية