كشفت صحيفة غارديان البريطانية أن الإدارة الأميركية أبلغت حلفاءها في حلف شمال الأطلسي (ناتو) بأن واشنطن تمارس ضغطًا متزايدًا على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للموافقة على اتفاق سلام مع روسيا خلال أيام، وسط تحذيرات أميركية بأن البديل سيكون “أسوأ بكثير”.
وجاءت هذه المعطيات خلال اجتماع مغلق في كييف، ليل الجمعة، قدّم فيه وزير الجيش الأميركي دان دريسكول إحاطة للسفراء، عقب مباحثات مع زيلينسكي واتصال مباشر مع البيت الأبيض. ونقل دريسكول رسالة واضحة مفادها: “لا يوجد اتفاق مثالي… لكن يجب إنجازه عاجلًا لا آجلًا.”
وبحسب مصادر حضرت الاجتماع، سادت أجواء من “القلق والامتعاض”، بعدما عبّر عدد من السفراء الأ وروبيين عن استياء من إدارة واشنطن للمفاوضات مع موسكو من دون التشاور الكامل مع الشركاء الأوروبيين. ووصف أحد الحاضرين الاجتماع بأنه “كارثي”، مشيرًا إلى أن الرسالة المتكررة كانت: “ليس لديكم أوراق تفاوضية.”
خطة مفاجئة… ودور روسي في صياغتها؟
المعطيات الأميركية أثارت صدمة في العواصم الأوروبية، التي لم تكن على اطلاع بمسودة الاتفاق. وتخشى بعض الدول أن تكون الخطة صيغت تحت تأثير روسي كبير. وذكرت تقارير أن المسودة وُضعت عبر قناة اتصال خلفية بين مساعد ترامب ستيف ويتكوف ومستشار الكرملين كيريل ديميترييف، على أن يتوجّه دريسكول إلى موسكو قريبًا لمناقشتها.
وتتضمن الخطة المقترحة بنودًا بالغة الحساسية، أبرزها:
تنازل أوكرانيا عن أراضٍ تحتلها روسيا وأخرى ما زالت تحت سيطرة كييف.
عفو شامل عن جرائم الحرب المرتكبة خلال النزاع.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكد أن موسكو تلقت نسخة من الاتفاق، معتبرًا أن الخطة “يمكن أن تكون أساسًا لتسوية نهائية”.
واشنطن: “الاتفاق قاسٍ… لكن البدائل أسوأ”
القائمة بالأعمال الأميركية في كييف، جولي ديفي س، أقرّت خلال الاجتماع بأن شروط الاتفاق “قاسية بالفعل”، لكنها شددت على أن البدائل أمام أوكرانيا “ستكون أسوأ في المستقبل”.
وعندما سُئل مسؤول أميركي عن سبب مطالبة كييف بالتنازل عن أراضٍ فشلت موسكو في السيطرة عليها طوال أحد عشر عامًا، رد بالقول إن الاتفاق “مفيد لأوكرانيا”، مضيفًا أن ترامب وزيلينسكي قد يوقعان وثيقة مشتركة “من أجل السلام”.
كييف تردّ وتستعدّ للمفاوضات
في المقابل، أعلنت الرئاسة الأوكرانية أن زيلينسكي شكل وفدًا رسميًا لخوض المفاوضات مع واشنطن وموسكو، مؤكدة أن كييف “لن تكون عقبة أمام السلام”، لكنها ستحافظ على “مصالح الشعب الأوكراني وأمن أوروبا”.
كما كشف رئيس مجلس الأمن القومي رستم عمروف أن مشاورات أوكرانية–أميركية ستجري في سويسرا خلال أيام حول “المعايير المحتملة لاتفاق سلام مستقبلي”.
زيلينسكي شدد بعد لقائه دريسكول على أن بلاده “تحتاج إلى السلام”، لكنه أكد: “سنعمل بحيث لا يستطيع أحد القول إننا نقوّض الدبلوماسية.”
وفي وقت تعترض فيه دول أوروبية على الخطة التي وصفت بأنها “أقرب إلى الاستسلام”، يبدو أن واشنطن مصممة على دفع كييف نحو اتفاق سريع يجمد الحرب، ولو بثمن مؤلم.