"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

"تحالف المعادين” لأحمد الشرع!

فارس خشّان
السبت، 12 يوليو 2025

"تحالف المعادين” لأحمد الشرع!

منذ الثامن من كانون الأوّل (ديسمبر) الماضي، ارتفعت حدة العداء للرئيس السوري أحمد الشرع، بحيث انضم الى هذه المجموعات بعض من كانوا يناصبون النظام السوري السابق العداء!

لكل من هؤلاء المعادين للشرع أسبابه. يرى فيه البعض مشروعًا دينيًّا مناهضًا للعلمانية. ويعتبره البعض الآخر، خطرًا طائفيًّا على الأقليات. ويخشى البعض الثالث أن يكون مجرد بداية لفرض حكم “الإسلام السياسي” في بلاد الشام، بدعم من الحكم التركي الحالي.

إنّ معاداة هذه الفئات لحكم أحمد الشرع، مفهومة، وهي تتطلب أجوبة مقنعة من سوريا الجديدة، حتى يطمئن الخائفون. وهذا ما هو حاصل برعاية أميركية واضحة!

وهناك مجموعة ثانية من المعادين للشرع، وهي تشكل خطرًا على حياته ومشروع حكمه، وتتمثل بتلك الفئات التي كان يومًا جزءًا منها. ”داعش” والمجموعات المتطرفة السنية المنبثقة منها أو المتحالفة معها، هي الأدهى. هذه المجموعة تعتبر الشرع “مرتدًا”، ولا بدّ من التخلّص منه، إن لم يكن جسديًّا، في حال استحالة اغتياله، فمعنويًّا، من خلال إظهاره عاجزًا أمام المجتمع الدولي عمومًا والولايات المتحدة الأميركية خصوصًا. ودخلت هذه المجموعات بالفعل على الخط: تبنّت حرائق غابات الساحل السوري، فجرت الكنيسة الأرثوذكسية في دمشق، أيقظت خلاياها النائمة، من أجل العبث بحياة الأقليات في سوريا واستقرارها، وخلاف ذلك من المسائل التي تثير الحساسيات والمخاوف والرعب.

والخلاف العقائدي بين هذه المجموعة وفلول النظام السابق والتنظيمات الموالية لإيران، لم يحل دون التلاقي المرحلي. فالأمين العام ل”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم في آخر كلام له عن سوريا أبدى ثقته بأنّ الشعب السوري سوف يقف ضد التوجهات التطبيعية مع إسرائيل ويعود إلى “أصالته”. وهو في ذلك لم يشذ عن “النهج الإيراني” في التعاطي مع الشرع إذ سبق لمرشد الجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي أن توعّد العالم ب”يقظة شعبية سورية” تعيد دمشق الى “جبهة المقاومة”.

ويشكل الشرع، بالنسبة ل”حزب الله” أخطر مشروع سياسي على الإطلاق، خصوصًا بعدما أصبح النموذج الذي يرفعه المجتمع الدولي عمومًا والولايات المتحدة الأميركية خصوصًا، في وجه المسؤولين اللبنانيين. من الواضح، في حال تمّ الإستناد فقط الى أدبيات توم براك، وهو المبعوث الأميركي الخاص الى كل من سوريا ولبنان، أنّ البيت الأبيض يعتبر أحمد الشرع جريء وشجاع ويحب بلاده ومصمم على إلحاقها بركب التطور العالمي، في حين يرى أنّ “القيادات اللبنانية الرائعة” بحاجة الى “روح المجازفة” من أجل إنقاذ بلاد الأرز وعدم السماح بتركها في الجحيم الى الأبد!

وهذا يعني أنّ براك يدعو السلطة اللبنانية الى التعاطي بحزم مع “حزب الله” والتطلع الى حل مشاكلها، بمقاربة جديدة، مع إسرائيل، في هذا “الشرق الأوسط الجديد”.

ومنذ بدأ براك بإضفاء صفة “الشجاعة” على الشرع، هبّت الماكينة الدعائية ل”حزب الله” وانقضت على الرئيس السوري، بتخوينه واعتباره رمزًا من رموز الإستسلام.

همّ “حزب الله” في هذه المرحلة، ليس الشرع نفسه، بل المسؤولين اللبنانيين الذين أكثر ما يخشونه هو التخوين.

قد لا يشكل “تحالف المعادين” خطرًا على أحمد الشرع، كشخص، ولا على تعليق غالبية سورية آمالها عليه، ولكنّه يُضعف موقفه أمام إسرائيل التي يفاوضها من اجل تجديد اتفاقية الفصل للعام ١٩٧٤، كمدخل لا بد منه للانطلاق في محادثات السلام!

“تحالف المعادين” تلاقى مع إسرائيل وبرر لها ما تقوم به في سوريا، من احتلال للمواقع الإستراتيجية في جنوب البلاد وتدمير البنية العسكرية الخطرة.

كانت إسرائيل تبرر ما قامت وتقوم به في سوريا، منذ سقوط نظام الأسد، بأنّه من أجل حماية نفسها، من تفلت مجموعات معادية لإسرائيل واستيلائها على السلاح والجغرافيا، كما من إمكانية رضوخ الشرع نفسه للضغوط التخوينية، ووجوب عدم إهمال إمكان الإنقلاب عليه.

الرئيس السوري أحمد الشرع يُدرك كل ذلك، ولهذا فهو لا يدخل في أي جدال مع “تحالف المعادين”، بل يمضي قدمًا في السير نحو هدفه!

تجربة الشرع علمته أنّ الحركة أجدى من الكلام. لا تزال التجربة اللبنانية تفضل “كلام الليل” على الفعل!

نشر في “النهار”

المقال السابق
من يُشعل حرائق سوريا؟

فارس خشّان

كاتب سياسي

مقالات ذات صلة

أكسيوس: بوتين يدعم اتفاقًا يمنع تخصيب إيران لليورانيوم... وطهران تنفي

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية