"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

تفجير "البايجر": خيانة بلا محاسبة وبلا خجل

رئيس التحرير: فارس خشّان
الثلاثاء، 16 سبتمبر 2025

‎مرّ عام على واحدة من أضخم الضربات الأمنية التي تلقاها حزب الله منذ تأسيسه: تفجير أجهزة “البايجر” التي استخدمها عناصره في لبنان وسوريا. آلاف الأجهزة انفجرت في لحظة واحدة، وسقط الآلاف بين قتيل وجريح، في عملية تبنّاهاالموساد الإسرائيلي، ووصفتها تقارير استخباراتية بأنها “أكبر اختراق أمني في تاريخ الحزب”، وبها تفاخر بنيامين نتنياهو وراح يهدي دونالد ترامب أجهزة “بايجر” ذهبية..

‎لكن الأخطر من التفجير، هو ما تلاه: صمتٌ ثقيل، وتعتيمٌ متعمّد، وغيابٌ تام للمحاسبة. حزب الله اعترف بوجود خرق داخلي، لكنه لم يعلن عن اسم واحد من المتورطين، ولم يُقدّم أي مسؤول إلى المحاكمة، ولم يُصارح أهالي الضحايا بالحقيقة. بل اكتفى ببيانات غامضة وتحقيقات “داخلية” لم تُفضِ إلى شيء، وكأنّ الدماء التي سُفكت لا تستحق حتى رواية صادقة.

‎في المقابل، كان الحزب منشغلًا في مهمة أخرى: تخوين كل من يجرؤ على مساءلة سلاحه، أو يطالب بقيام دولة تحكمها المؤسسات لا الميليشيات. من يطالب بالعدالة يُتّهم بالعمالة، ومن يرفض منطق “الدولة داخل الدولة” يُصنّف خائنًا. أما الخيانة الحقيقية، التي فجّرت أجساد المقاتلين من الداخل، فمرّت مرور الكرام.

‎الوقائع باتت معروفة: أجهزة “غولد أبولو” التي اشتراها الحزب من تايوان، كانت مفخخة بمتفجرات دقيقة زرعها الموساد داخل البطاريات، وتم تفجيرها عن بُعد بعد أن اشتبه بعض العناصر في وجود خلل. العملية نُفّذت بإشراف مباشرة من ضباط الموساد، بينهم العميلة “ر” التي ظهرت ملثّمة خلال احتفال رسمي في إسرائيل، وتباهت بأنها “كسرت روح العدو”.

‎فأين الرد؟ أين المحاسبة؟ أين الحقيقة؟

‎الضحايا لم يسقطوا في مواجهة مع العدو، بل سقطوا نتيجة خيانة داخلية، وتقصير أمني، وسذاجة في التعامل مع التكنولوجيا. ومع ذلك، لم يُفتح تحقيق قضائي، ولم تُعلن نتائج التحقيقات الداخلية، ولم يُسمح للرأي العام حتى بطرح الأسئلة.

‎السكوت هنا ليس فقط تواطؤًا، بل إهانة لكرامة من سقطوا، ولعقول من تبقّوا. فكيف يُمكن لمن يدّعي حماية الوطن أن يعجز عن حماية عناصره؟ وكيف يُمكن لمن يحتكر قرار الحرب أن يعجز عن كشف خائن واحد؟

‎العدالة ليست ترفًا، ولا هي مؤامرة. إنها حق. والحق لا يُدفن تحت رايات “المقاومة” ولا يُقايض بالسكوت. فإما أن تكون المقاومة مسؤولة، أو تكون مجرد سلطة فوق المحاسبة!

المقال السابق
في لبنان.. هكذا أنقذت زوجها من خاطفيه
رئيس التحرير: فارس خشّان

رئيس التحرير: فارس خشّان

مقالات ذات صلة

سحب السلاح والخطوة التراجعية!

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية