وجه ئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع “كلمة صادقة من القلب والعقل إلى الإخوة الشّيعة في لبنان”، قائلا:” أنتم مكوّن أساسيّ من المكوّنات اللّبنانيّة المؤسّسة للكيان اللّبنانيّ الذي أكّد عليه الإمام موسى الصّدر وطنًا نهائيًّا، والتزمتم به كذلك في الدّستور المنبثق عن وثيقة الوفاق الوطنيّ أي اتّفاق الطّائف. لا نرضى، نحن وأكثريّة اللّبنانيّين، ولا نقبل أن يصيبكم ما أصابنا في حقبة الوصاية السّابقة بعد أن سلّمنا سلاحنا، من إجحاف وتمييز وافتئات على الحقوق والدّور والحجم، ولا تشعروا أنّكم في خطر ومهدّدون… فالأيّام اختلفت والظّروف تغيّرت، فلا غازي كنعان ولا رستم غزالة، ولا سلطة وصاية جائرة تعمل لصالح نظام الأسد ووفْق مفاهيمه، بل سلطة وطنيّة انبثقت بالفعل عن مجلس نيابيّ حقيقيّ، ساهمنا جميعًا، أنتم ونحن، في انتخاب أعضائه، وتحت أنظار حكومة كنتم أكثريّةً فيها. سلطة وطنيّة على رأسها العماد جوزيف عون، المشهود له، مذ كان قائدًا للجيش، بتعلّقه بالقوانين في ممارسة السّلطة، وحيث كان لكم يد طولى في انتخابه. سلطة وطنيّة يرأس حكومتها رئيس مشهود له، ولو اختلفتم معه بالرّأي، بالنّزاهة وبتمسّكه الشّديد بالقانون، كما تمسّكه من دون هوادة بالحرّيّات العامّة. والأهمّ من هذا كلّه، مجلس نيابيّ يتابع ويحاسب ويتدخّل عند الضّرورة. والأهمّ الأهمّ، عدم وجود أيّ نيّة عند أحد بالتّفرّد بالسّلطة، خلافًا لما كان عليه الأمر مع نظام الوصاية، وعدم قدرة لأحد بالتّفرّد بعد زوال السّلاح غير الشّرعيّ وعودة مؤسّسات الدّولة، خصوصًا الدّستوريّة منها إلى الحياة الطّبيعيّة.”.
تابع: “لا تصدّقوا أنّ السّلاح يحميكم ويحصّل حقوقكم وشرفكم، ولكم في الحرب الأخيرة دليل ساطع وواقع لا مجال لإنكاره. ولا تصدّقوا أنّ الطّوائف الأخرى تشحذ الهمم والطّاقات والغرائز للنّيل منكم. لا بل على العكس، لقد اشتقنا جميعًا إليكم شيعةً عامليّين لبنانيّين أصيلين. لا تصدّقوا ما يصوّر لكم بأنّ البحر من ورائكم والعدوّ من أمامكم وقد أصبح الخطر محدقًا بكم من الجنوب الشّرق فأين المفرّ؟ المفرّ الفعليّ هو الطّريق إلى الدّولة. ثقوا أنّ الدّولة التي هي لنا ولكم وحدها هي التي تحميكم وتشعركم بالأمن والأمان وهي الملاذ والضّمانة. ولكم خير وأكبر مثال على ذلك عقدان من الزّمن بين الأعوام 1949 وحتّى 1969 عشتموها بأمان وسلام إلى أن ظهرت المقاومات المسلّحة في الجنوب وفتحت عليكم أبواب جهنّم ولم تقفل حتّى السّاعة. ثقوا أنّ أيّ خيار ومشروع خارج الدّولة سيكون خطرًا عليكم، وتهديدًا لكم، ويجعلكم لقمةً سائغة في فم التّنين وفم الأمم والمصالح الخارجيّة. لقد آن الأوان كي تَخرِجوا وتُخرِجوا تاريخكم الوطنيّ النّاصع مثل جبل عامل وأنْ ترسموا خطّ النّهاية لحاضركم الحافل بالخيبات والنّكسات، ودائرة الارتباطات والمشاريع الإقليميّة واستخدام أوراقًا للتّفاوض أو لتصفية الحسابات”.
قبلان : رد “غب الطلب”
وفي رد “غب الطلب” لمن يعتمده “حزب الله” في جهاز دعايته، توجه مفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، في بيان مساء اليوم الأحد إلى رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، قائلاً: “الشهادة قيامة، والأمانة قداسة نبيين، واللعب بالتاريخ نفاق، ولسنا ممن ينفصل عن شعبه وبلده وناسه وحماية وطنه وفينا موسى الصدر ونبيه بري وحسن نصرالله، والشيعة بتاريخها الطويل بنيان سيادي وقدرة وطنية واندماج كامل تشهد له الدماء والتضحيات بهذا البلد المظلوم”.
وأشار إلى أن “الشيعة صورة طبق الأصل عن تعاليم السيد المسيح والنبي محمد الذي لا يجيز الذبح على الهوية وارتكاب الفظاعات الطائفية، ولن يكون الشيعة إلا بقلب الشراكة الوطنية والجبهات السيادية التي استعادت لبنان يوم سلّمه البعض للصهاينة، والسلاح والمقاومة ملك هذا الوطن وملك شعبه وملك خرائط أمنه الوطني، وهو السلاح الذي استردّ لبنان يوم كنتَ بالمشروع الآخر”.
وأوضح قبلان أن “الشيعة مثل المسيحية براء من المشروع الصهيوني والذبح على الهوية وكل أنواع الخراب الهائل الذي طال بنية هذا البلد وروح طوائفه، وما زالت المجازر والأشلاء شاهداً تاريخيا ً على من خاض بالفتنة وشرب من نقيعها الأحمر”.
وتوجه لجعجع بالقول: “للسيادة جبهات وأنت لست منها، والشيعة والتضحية الوطنية تاريخ واحد، والشيعة والإندماج الوطني موقع واحد، والشيعة والمسيحية بلد واحد وقلب واحد، لكنك لستَ منها لأنّ للتوبة الوطنية شروطاً ولم تَحُزْهَا، والدولة أكبر أهداف الشيعة، ولا مشروع للشيعة خارج إطار الدولة وسيادتها وأمنها وأمانها وطوائف تكوينها وما يلزم لنهضتها وشراكتها والذود عنها، وإنما تضحياتهم من أجل لبنان وسيادته، وإنما حملوا السلاح ليهزموا المشروع الشريك للصهاينة يوم احتل الصهاينة لبنان وقد انتصروا للبنان واستعادوه”.
وتابع: “واليوم لبنان سيد عزيز رغم الأثمان الهائلة بفضل تضحيات المقاومة وبسالتها وشرف قتالها وصمودها الأسطوري، ولولا الأسطورة القتالية للمقاومة بالحرب الأخيرة لما بقي دولة ولا مؤسسات ولا وطن، وما دفعته المقاومة بهذه الحرب ثمن يليق بهذا البلد وأنت تدرك هذه الحقيقة قهراً عنك، والرئيس نبيه بري والشهيد السيد حسن نصر الله أيقونة هذا الوطن وعماد انتصاراته وتاريخ التاريخ لهذا البلد الذي لا يقبل أن يكون صهيونياً أو لمن يريد للصهيونية أن تستعيد دورها فيه، وإيران مركز شرف هذا البلد المقاوم لأنها القوة التي دعمته ليهزم إسرائيل ويحرر الأرض”.
وأضاف قبلان: “حذارٍ من لعبة الشماتة لأننا قومٌ لا نقبل بهزيمة ولا نستسلم لشدة ولا نتراجع عن التضحية بسبيل هذا الوطن وشراكته التاريخية، والإمام علي كان قد حذّر ممن يفتك ويغدر ثم يدّعي التوبة دون أن ينزع جلده، لأنّ الذئب لا يتوب، وقد عظّم أمر القتيل من دون وطنه وشعبه وعرضه وأرضه وبنيان سيادته، وقبّح شريك الإحتلال، وأدان القتل على الهوية والذبح على الطائفية، لأنه لا يؤتمن على دِين أو عرض أو وطن، فلا يفوتنّك ما قاله الأمير عليه السلام، والبلد شراكة، واللحظة مصيرية”.
وشدد في ختام بيانه على أن “لبنان بلد اللقاء وأمانة الربّ ولن نتراجع عن حمايته ودعم دولته وتأمين سيادتها وقوتها ومنعتها ومشروعها الوطني، وما خرائط الأمن الوطني والسياسة الدفاعية إلا لتأكيد القوة الوطنية وتوظيفها بوجه الصهاينة والصهيونية، والممانعة شرف الأبطال الذي اختارهم الله لنصرة وطنه وتأمين شعبه وسيادته”.
وقال: “ننتظركم مثل سائر اللّبنانيّين لننطلق سويًّا في مشروع الإنقاذ، في مشروع النّهوض والإصلاح، لنبني معًا دولةً فعليّةً ذات سيادة وسلطة مطلقة، دولةً عصريّةً حديثةً تتمتّع بالثّقة والاستقرار والإنتاجيّة. لا تنخدعوا بمن يحدّثكم عن ضمانات، أنتم الضّمانة كما كلّ مكوّنات لبنان ضمانة لبعضها البعض. ولا تخافوا من التّهويل عليكم بأنّكم عرضة لهجوم محتمل من الحدود الشّرقيّة، إذْ لا أحد قادر على استهدافكم، فالجيش في ظل الدولة الحالية يحمي الحدود ويمنع أيّ اعتداء كما حصل مع الجيش في الأشهر الماضية، كما فعل مرارا في الأشهر الماضية، وإذا احتاج الأمر فإنّ جميع اللّبنانيّين يد واحدة لندافع عن أيّ شبر من تراب لبنان، وهذا ما قام به أهلنا في القاع يوم طرق الإرهاب بابهم في العام 2016 فعاد على أعقابه بعدما تكبّد خسائر كبيرة. ننتظركم لتعود مواسم الخير إلى الجنوب والبقاع وكلّ بقعة من لبنان، ولتكون مهرجانات الفرح والثّقافة والإبداع في النّبطيّة وبنت جبيـل كما هي في الأرز وجبيل. ننتظركم لتعود البيوت المدمّرة إلى أصحابها، ولترتفع مداميكها تحت أنظار الجيش اللّبنانيّ وحمايته. إنّ كلّ يوم يمرّ من دون تسليم السّلاح يطيل من معاناتكم ويبعدكم أكثر فأكثر عن بيوتكم وأرزاقكم. إنّ كلّ يوم يمرّ يؤخّرنا أشهرًا وحتّى سنوات عن إعادة البناء والنّهوض، ويمدّد انتظارنا الثّقيل لعودة لبنان إلى ذاته، للانطلاق بمسيرة الإصلاح الجذريّ، لبداية الانتظام الماليّ، والمباشرة الجديّة بالتّنقيب عن النّفط والغاز وعودة الازدهار إلى لبنان”.