ابلغ رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني ان لبنان راغب في التعاون مع ايران ضمن حدود السيادة والصداقة القائمين على الاحترام المتبادل، لافتا الى ان اللغة التي سمعها لبنان في الفترة الأخيرة من بعض المسؤولين الإيرانيين، غير مساعدة.
واكد الرئيس عون ان الصداقة التي نريد ان تجمع بين لبنان وايران لا يجب ان تكون من خلال طائفة واحدة او مكوّن لبناني واحد، بل مع جميع اللبنانيين. وشدد رئيس الجمهورية على ان لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه، مسيحيين كانوا ام مسلمين، والدولة اللبنانية مسؤولة من خلال مؤسساتها الدستورية والأمنية عن حماية كافة المكونات اللبنانية.
ولفت الرئيس عون المسؤول الإيراني، الى ان من يمثل الشعب اللبناني هي المؤسسات الدستورية التي ترعى مصالحه العليا ومصالح الدولة، واذا كانت الجمهورية الإسلامية الإيرانية تسعى الى تحقيق مصالحها الكبرى فهذا شيء طبيعي، “لكننا نحن في لبنان نسعى الى تحقيق مصالحنا”. وأضاف: “نرفض أي تدخل في شؤوننا الداخلية من أي جهة اتى، ونريد ان تبقى الساحة اللبنانية آمنة ومستقرة لما فيه مصلحة جميع اللبنانيين من دون تمييز. ان لبنان الذي لا يتدخل مطلقا بشؤون أي دولة أخرى ويحترم خصوصياتها ومنها ايران، لا يرضى ان يتدخل احد في شؤونه الداخلية. واذا كان عبر التاريخ اللبناني ثمة من استقوى بالخارج على الاخر في الداخل، فالجميع دفع الثمن غالياً، والعبرة التي يستخلصها اللبنانيون هي انه من غير المسموح لاي جهة كانت ومن دون أي استثناء ان يحمل احد السلاح ويستقوي بالخارج ضد اللبناني الآخر.
وشدد الرئيس عون على ان الدولة اللبنانية وقواها المسلحة مسؤولة عن امن جميع اللبنانيين من دون أي استثناء. واعتبر ان أي تحديات تأتي من العدو الإسرائيلي او من غيره، هي تحديات لجميع اللبنانيين وليس لفريق منهم فقط، ولعل اهم سلاح لمواجهتها هو وحدة اللبنانيين. وهذا ما نعمل له ونأمل ان نلقى التعاون اللازم، لاسيما واننا لن نتردد في قبول أي مساعدة في هذا الصدد.
وشكر الرئيس عون الدكتور لاريجاني على مواساته باستشهاد العسكريين الستة في وادي زبقين، وحمّله تحياته الى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان وتمنياته له بالتوفيق، وللجمهورية الإسلامية الإيرانية السلام والتقدم.
وكان لاريجاني استهل اللقاء بنقل تحيات الرئيس الإيراني الى الرئيس عون، مجدداً له الدعوة لزيارة طهران والرغبة في مساعدة لبنان في مجال إعادة الاعمار. وشرح موقف بلاده من الاعتداءات الإسرائيلية التي تعرضت لها قبل اشهر، مشيراً الى ان بلاده ترغب في تعزيز علاقاتها مع الدولة اللبنانية والشعب اللبناني على كافة الأصعدة، منوّها بالدور الذي يلعبه الرئيس عون في تمتين الوحدة الوطنية وتوحيد الصفوف داخل الطوائف اللبنانية كافة ومع جميع مكونات الشعب اللبناني.
وجدد لاريجاني موقف بلاده لجهة دعم الحكومة اللبنانية والقرارات التي تصدر عن المؤسسات الدستورية اللبنانية، لافتا الى ان بلاده لا تتدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية، وان ما ادلى به لدى وصوله الى بيروت يعكس وجهة النظر الرسمية للجمهورية الإسلامية الإيرانية.
واقترح استحداث صندوق لاعادة اعمار المناطق التي تضررت نتيجة العدوان الإسرائيلي، مبدياً استعداد بلاده للمشاركة فيه.
واكد ان ايران لا ترغب بحصول أي ذرة خلل في الصداقة او في العلاقات مع الدولة اللبنانية والشعب اللبناني، وهي راغبة في مساعدة لبنان اذا ما رغبت الحكومة اللبنانية بذلك، وتمنى لها النجاح في مسؤولياتها.
وكان لاريجاني وصل الى قصر بعبدا عند الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم على رأس وفد ضم: السفير الايراني في لبنان مجتبي اماني، والمدير العام في رئاسة الجمهورية الايرانية مجتبي علي زادة، ومستشاري الدكتور لاريجاني محمد جعفري وغلام حسين محمدي، ومدير عام دائرة غرب آسيا في الخارجية الايرانية مهدي شوشتري، والدبلوماسي المعتمد في سفارة ايران ميسم قهرماني، والمترجم حميد حاجي بور.
عين التينة:
ومن بعبدا توجه لاريجاني الى مقر الرئاسة الثانية في عين التينة للقاء رئيس المجلس النيابي نبيه بر ي.
وكرّر لاريجاني موقف بلاده المؤكد على “عدم التدخّل في الشؤون اللبنانية”، وذلك بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه برّي، فيما أدلى بالموقف ذاته أمام رئيس الجمهورية جوزف عون.
وقال لاريجاني من عين التينة: “يعتبر لبنان بلداً صديقاً لنا، ولدينا أفضل العلاقات معه في هذه المرحلة”، مؤكداً أنّ “وحدة لبنان ونجاحه في الانجازات والازدهار أمر في غاية الأهمية”.
وقال: “سياسة إيران مبنية على أن تكون الدول المستقلة في المنطقة متمكّنة ومقتدرة”، مشدّداً على أنّ “هذا النهج يأتي على عكس ما تميل إليه بعض الدول لاستسلام دول المنطقة”، ومؤكداً أيضاً على “التعاون الودّي والصداقة بين البلدان”.
وشدّد لاريجاني على أنّه “لا ينبغي على الدول توجيه أوامرها من الخارج إلى لبنان، والذي يتدخل بشؤون لبنان الداخلية هو الذي يزوّدكم بجدول زمني، وأقصد به الورقة الأميركية إلى لبنان”.
أضاف: “لم نأتِ بخطة إلى لبنان كما فعل الأميركيون، ولا نتدخّل في شؤونكم الداخلية وباتّخاذكم القرار”.
وتابع لاريجاني في تصريحه من عين التينة: “مؤمنون أنّه من خلال الحوار الودي والشامل والجاد في لبنان يُمكن لهذا البلد الخروج بقرارات صائبة”، مؤكداً أنّه “لا ننظر إلى أصدقائنا كأداة، ومؤمنون أنّ المقاومة تتمتّع بتفكير عميق وشعور استراتيجي “.
كما شدّد على أنّ “الشعب اللبناني شعب أبيّ ويستطيع اتّخاذ القرار بنفسه”، موجّهاً رسالة إلى دول المنطقة بالقول: “من المهم لإيران أن تكون دول المنطقة مستقلّة بقرارتها، ولا تحتاج إلى تلقّي الأوامر من وراء المحيطات، فيحق لأي بلدة وأية دولة تقرير مصيرها وتُخطّط لمستقبلها”.
وحول قضية نزع سلاح المقاومة في لبنان، قال لاريجاني: :المقاومة رأس مال للبنان وللعالم الإسلامي، وعدوّكم هي إسرائيل التي اعتدت عليكم”، مضيفاً: “أعتقد بأنّ حزب الله والحكومة اللبنانية يتمتّعان بفهم عميق ودقيق للظروف الحالية”.
كما توجّه بالنصيحة إلى اللبنانيين: “ننصحكم بالحفاظ على المقاومة، وأن تُقدّروا أصدقاءكم تقديراً قويّاً”.