الراهبة إينا كانابارو لوكاس، البالغة من العمر 115 عاماً
في عالم تتسارع فيه وتيرة الحياة وتتقلص فيه معدلات الأعمار في بعض المجتمعات، تظل قصص المعمّرين استثناءً لافتاً يثير الدهشة والإعجاب. من راهبة برازيلية رحلت عن 116 عاماً، إلى معمّرة فرنسية تجاوزت الـ122 عاماً، مروراً بإندونيسي يُعتقد أنه عاش 146 سنة، ترسم هذه القصص ملامح لحيوات امتدت عبر قرون وتحولات كبرى في التاريخ البشري. وفيما تتنوع أسرار العمر المديد بين الوراثة ونمط الحياة وحتى البساطة والهدوء، تبقى هذه الحكايات شاهدة على قدرة الإنسان على الاستمرار، رغم كل التحديات.
الراهبة إينا كانابارو لوكاس
توفيت الراهبة البرازيلية إينا كانابارو لوكاس وهي أكبر شخص معمّر في العالم في 30 أبريل/ نيسان الماضي عن عمر ناهز 116 عاماً و326 يوماً، بحسب ما أعلن الدير الذي كانت تعيش فيه في مدينة بورتو أليغري جنوب البرازيل.
قبل أن تتوفى إينا كانابارو لوكاس كانت تستطيع إجراء العمليات الحسابية التي تمكنها من معرفة عمرها وتاريخ ميلادها الذي يصادف 8 يونيو/ حزيران 1908، وهو يوم لم يعد يوجد فيه أي شخص آخر على قيد الحياة الآن.
حصلت الراحلة لوكاس على شهرة واسعة في العالم، فكرّمها نادي كرة القدم البرازيلي سبورت إنترناشيونال في بورتو أليغري الذي كانت أحد مشجعيه، وذلك عبر منشور على صفحتهم الشخصية على منصة إكس، نشروا فيه صورتها وعلقوا عليها: ” نحتفل بإرثها الروحي وتعاطفها”.
وعندما كانت لوكاس تبلغ من العمر 110 سنوات حصلت على مباركات البابا فرنسيس الذي توفي هو الآخر مؤخراً عن عمر ناهز 88 عاماً.
بعد وفاة إينا كانابارو لوكاس أصبحت البريطانية إيثيل كاترهام أكبر معمّرة في العالم على قيد الحياة، وتبلغ من العمر اليوم 115 عاماً، ولدت في 21 أغسطس/ آب 1909.
لدى إيثيل كاترهام سرّ للعمر المديد، فعند سؤالها عن سبب عمرها الطويل قالت: “لا أتجادل مع أحد على الإطلاق، أستمع، وأفعل ما أريد”.
أكبر معمّر قبل لوكاس
اليابانية توميكو إيتوكا بعيد ميلادها الـ 116 في دار المسنين
منذ نهاية 2024 كانت إينا كانابارو لوكاس هي المعمّرة الأكبر في العالم بحسب منظمة مجموعة أبحاث علم الشيخوخة الأمريكية وقاعدة بيانات LongeviQuest، وذلك بعد وفاة اليابانية توميكو إيتوكا في 29 ديسمبر/ كانون الأول 2024 عن عمر 116 عاماً أيضاً، ولدت إيتوكا في23 مايو/ أيار 1908، أي قبل لوكاس بحوالي أسبوعين.
وتوميكو إيتوكا ليست المعمرة الوحيدة في اليابان، فتشتهر اليابان بطول أعمار سكانها بالعموم، فحوالي ثلث سكانها البالغ عددهم 124 مليون شخصاً تفوق أعمارهم 65 عاماً، وحوالي 95 ألف ياباني تجاوز سن المئة.
من هو أكبر معمّر معروف على الإطلاق؟
يعدّ الإندونيسي مباه غوثو هو المعمّر الأكبر في التاريخ، ولدَ في31 ديسمبر/كانون الأول عام 1870، وتوفي عام 2017، ليبلغ من العمر 146عاماً، ولم يُعرف إلى الآن شخص آخر عاش أطول من هذه الفترة.
عاش مباه غوثو حياة بسيطة جداً في مقاطعة جاوة الوسطى في إندونيسيا، وتحديداً في كوخ بقرية سراغين، وقضى معظم سنواته الأخيرة جالساً أمام كوخه يسمع الراديو، فكان بصره ضعيفاً للغاية ولم يتمكن من مشاهدة التلفاز في أيامه الأخيرة.
يُعرف عن مباه غوثو أنه عاش أطول من إخوته العشرة وزوجاته الأربع وأطفاله، وأنه عندما كان حياً كان ما زال يتواصل مع أحفاده، وأحفاد أحفاده، وأحفادهم.
يُقال إن عمر مباه غوثو كان يبلغ 145 عاماً بتارخ التقاط هذه الصورة في أغسطس/ آب عام 2016
وبالرغم من معرفة الكثير عن مباه غوثو إلا أن عمره الحقيقي ما زال غير مؤكد، ولم يدخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية كباقي المعمرين في العالم، بسبب الشكوك حول وثائق ميلاده.
بالإضافة إلى الشكوك التي أثارها علماء الشيخوخة والذين يعتقدون أنه لا يمكن لإنسان أن يتجاوز عمره 120 عاماً بفارق كبير.
من هو أكبر معمّر مؤكد في التاريخ؟
المعمّرة الأكبر في التاريخ والتي تم التأكد من وثائق ميلادها هي الفرنسية جان كالمون التي ولدت في 21 فبراير/ شباط 1875 في مدينة آرل بجنوب فرنسا، وتوفيت في 4 أغسطس/ آب عام 1997 عن عمر ناهز 122 عاماً و164 يوماً.
كما عاش أفراد عائلة جان كالمون سنوات طويلة أيضاً، فتوفيت والدتها عن عمر 86 عاماً، ووالدها عن عمر 92 عاماً، وشقيقها عن عمر 97 عاماً، لكن أبناءها وأحفادها لم يرثوا منهم طول العمر، فتوفيت ابنتها عن عمر 36 سنة بسبب مرض السلّ، وتوفي حفيدها بن فس العمر بحادث دراجة نارية.
توفيت جان كالمون في 15 فبراير/ شباط 1996 عن عمر يناهز 120 عاماً، في مدينة آرل الفرنسية
وخلال حياتها اختبرت جان كالمون قصة طريفة جداً لها علاقة بطول العمر وتبعاته، ففي عام 1965 وبعد عامين من وفاة حفيدها، باعت كالمون شقتها لمحامٍ يبلغ من العمر 47 عاماً مقابل أن تحصل منه على إيجار مدى الحياة بقيمة 2500 فرنك فرنسي شهرياً، ومن ثم يحصل على الشقة بعد وفاتها.
ولأن كالمون كانت في التسعينات من عمرها آنذاك لم يتوقع المحامي أن تعيش طويلاً، وتوفي المحامي في عام 1995 عن عمر 77 عاماً بعد معاناته مع مرض السرطان، في حين كانت كالمون ما تزال على قيد الحياة، مما اضطر أرملته إلى إكمال دفع الإيجار، وبحلول وفاة كالمون كانت العائلة قد دفعت أكثر من 900 ألف فرنك، وهو ضعف قيمة الشقة.