قبل ساعات قليلة من بدء إسرائيل عمل ية “الأسد الطالع” ضد نظام الجمهورية الإسلامية في إيران، عاش لبنان ساعات عصيبة، أدخلت السلطة اللبنانية في سباق مع الوقت، لإنجاح الإتصالات الدبلوماسية الهادفة الى منع تهديد إسرائيلي، ورد عبر القنوات المعتمدة، بالقيام بعملية غير مسبوقة من شأنها أن تؤدي بالإضافة الى استهداف جديد للضاحية الجنوبية، الى احتلال سلسلة لبنان الشرقية، على طول الحدود اللبنانية- السورية.
السبب الذي تذرعت به إسرائيل لتهديد لبنان بعملية بهذه الضخامة يعود الى مزاعم بوجود أنفاق عميقة، واحد في الضاحية والباقي في جبال السلسلة الشرقية، يختزن قواعد لصواريخ دقيقة ومسيّرات مفخخة، وتريد إسرائيل منع أخطار هذه الترسانة عنها، لأنّها ملكية تعود الى “الحرس الثوري الإيراني”.
حاول لبنان، بعد اتصالات بقيادة “حزب الله” أن يجادل بصحة هذه المزاعم، لكنّ الرسالة الإسرائيلية كانت واضحة: نحن واثقون بكل ما نملكه من معلومات وعليكم التصرف.
ودخلت الولايات المتحدة الأميركية بطلب من لبنان على خط الوساطة مع إسرائيل، فوافقت الدولة التي تترأس لجنة مراقبة وقف العمليات العدائية بين لبنان وإسرائيل، على التدخل وفق معادلة توازن بين المطلب الإسرائيلي والضغط اللبناني.
كانت المعادلة الأميركية واضحة: يسعى الجيش اللبناني الى التأكد من المعلومات الإسرائيلية، بوجود طرف محايد ويمنع وصول أي فرد من حزب الله الى الأماكن المحددة، في المقابل توقف إسرائيل العملية “الوشيكة” التي كانت مقررة.
وافق الطرفان على المعادلة الأميركية، ونشرت إسرائيل مسيّراتها في البقاع والضاحية الجنوبية للتأكد من حسن تطبيق الإتفاق.
وفي انتظار أن ينتهي الجيش اللبناني من التدقيق، وهو يحتاج الى وقت لتحقيق ذلك، تمّ تبليغ لبنان بأنّه في حال اقتربت عناصر “حزب الله” لأي سبب كان من هذه الأنفاق، فسوف يتم تدمير الضاحية الجنوبية واحتلال السلسلة الشرقية للبنان “إلى الأبد”.
لم يكن المسؤولون اللبنانيّون، في ضوء توالي المعلومات عن وصول التوتر الى أشده بين إسرائيل وإيران، يفصلون هذا التهديد الإسرائيلي عن عملية وقائية إسرائيلية هدفها منع “حزب الله” من مناصرة إيران في حال جرى توجيه أي ضربة إليها.
ولم تمر سوى ساعات قليلة حتى تأكدت الظنون، فإسرائيل افتتحت الحرب ضد إيران، بهجوم صاعق، وهي لا تريد أن يتدخل أي طرف فيها لمصلحة طهران التي سوف تجد نفسها في وضعية ضعف، فمسيّراتها لا تجدي نفعا إذا انطلقت من أراضيها، وكذلك الأمر بالنسبة الى منظومتها الصاروخية إذ يمكن رصد معظمها قبل انطلاقتها وبالتالي تدميرها عند تجهي زها، لكنّ ذلك قد يكون مستعصيا إذا انطلق من مسافات قريبة، كما هي عليه وضعيتها مع لبنان.
وبعيد بدء الهجوم الإسرائيلي على إيران، أعادت الولايات المتحدة الاميركية تذكير لبنان بالمعادلة التي منعت الضربة الإسرائيلية على الضاحية والبقاع.
ويبدو أنّ السلطات اللبنانية تبدي ثقتها بضمانة عدم تحرك الجبهة اللبنانية لمصلحة إيران، أقله حتى تاريخ نطقها بهذا التعهد !
من الواضح أنّ كل الأطراف بما فيها الأكثر ولاء لإيران، تجري حاليا حساباتها الدقيقة، وتترك خياراتها الحاسمة للأيّام المقبلة، فإسرائيل يستحيل أن تقوم بما قامت به من دون تخطيط دقيق يأخذ في الإعتبار كل السيناريوهات، ومن دون أن تكون قد حصلت مسبقا على دعم أميركي.
وليس سرًا أنّ التصريحات التي أدلى بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قبل ساعات من وثبة “الأسد الصاعد” كان هدفها ترك بصمته على الحدث الجلل، ليكون له دور حاسم في مستقبل التسوية!