"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

نجح الشرع في كسب ترامب والآن عليه أن يكسب سورية (تحليل اسرائيلي)

نيوزاليست
الثلاثاء، 11 نوفمبر 2025

 نجح الشرع في كسب ترامب والآن عليه أن يكسب سورية (تحليل اسرائيلي)

هآرتس- تسفي برئيل

يبدو الرئيس الأميركي دونالد ترامب كأنه مقامر قرر وضع كل أوراقه على رهان واحد، هو أحمد الشرع، الزعيم الذي نجح في الاستيلاء على سورية بسرعة، وربما على الشرق الأوسط كله، لكن بخلاف المقامر المتعب في كازينو، والذي لا يملك، بعد ليلة طويلة من الخسائر، سوى أن يتمنى أن يكون النرد معه، فإن ترامب جلب النرد من البيت، ويحاول أن يضمن رجحان الكفة لمصلحته؛ أمس (الاثنين)، التقى ترامب الشرع للمرة الثالثة، وهو أول رئيس سوري يُستقبل في البيت الأبيض، وكلاهما يدرك تماماً اعتماده على الآخر، فنجاح الشرع قد يكون الإنجاز السياسي والاستراتيجي الأهم لترامب منذ بداية ولايته، بينما يعلم الشرع أن شرعيته وقدرته على قيادة سورية تعتمدان على ترامب، والسؤال هو كيف يعرّف النجاح، وكيف يمكن استثماره. سيعرض الشرع على ترامب “مهراً” سياسياً ثميناً: انضمام سورية إلى التحالف الدولي الذي أُنشئ في سنة 2014 لمحاربة تنظيم “داعش”، والذي يضم 89 دولة؛ إن دخول سورية إلى “المعسكر الغربي الموالي لأميركا”، والانفصال عن “المعسكر الشرقي” الذي كان في الماضي سوفياتياً، ثم روسياً، كبح نفوذ إيران في الشرق الأوسط؛ ترتيبات أمنية مع إسرائيل، وربما الانضمام لاحقاً إلى “اتفاقيات أبراهام” التي أصبحت العلامة البارزة لسياسة ترامب الإقليمية، وفعلياً، حصل الشرع على بعض “الدفعات المسبقة” من ترامب، من أهمها العناق والمصافحة العلنية في الحفل الإعلامي في الرياض في أيار/مايو، في تلك اللحظة، حصل “الشاب الجذاب ذو الماضي القوي”، بحسب وصف ترامب، على اعتراف أميركي وشرعية دولية، كذلك تمت إزالة اسمه من قائمة الإرهابيين الدوليين، بعد أن رُصدت مكافأة قدرها عشرة ملايين دولار في الماضي لمن يأتي به؛ لاحقاً، منح ترامب سورية إعفاءً موقتاً من العقوبات الأميركية مدة 180 يوماً، في إشارة إلى فتح الباب أمام الاستثمارات وتدفُّق المساعدات من الولايات المتحدة والعالم أجمع.

لكن الشرع لم يجلس وحده أمام ترامب خلال الاجتماع الذي عُقد في المكتب البيضاوي أمس، بل كان يمثل مجموعة من المستثمرين الإقليميين المهمّين - ربما هم الأهم في الشرق الأوسط - الذين يدين لهم بمنصبه، والذين يمتلكون أدوات تأثير ثقيلة في ترامب، وفي مقدمة هؤلاء المملكة العربية السعودية، التي يقودها فعلياً ولي العهد محمد بن سلمان الذي يُتوقع أن يزور البيت الأبيض قريباً، بعد غياب دام نحو سبعة أعوام، وكان هو المحرك الأساسي الذي دفع ترامب إلى الاعتراف بالشرع، وإلى جانبه، تقف الإمارات العربية المتحدة وقطر وتركيا.

لقد سارعت تركيا إلى تحويل سورية إلى دولة تابعة لها، مطالبةً بالمكاسب السياسية المستحقة، بعد أعوام من التمويل والتدريب العسكري لـ”هيئة تحرير الشام” - التحالف الإسلامي المسلح الذي كان يقوده الشرع حتى سقوط نظام الأسد؛ فكل دولة من هذه الدول، أو كلها، أصبحت الآن، ليس فقط داعمة للنظام السوري الجديد، اقتصادياً وأمنياً، بل أيضاً تقدّم مظلة ضمانات تهدف إلى تأمين النجاح لرهان ترامب.

لكن من الجدير بالذكر أن هذه الدول لم تسجل، حتى الآن، نجاحات بارزة في حل النزاعات الإقليمية، لا في اليمن، ولا في السودان، ولا في ليبيا، أمّا العراق، فقد تُرك فعلياً تحت رعاية إيران، بعد حرب الخليج، ومن اللافت أن إسرائيل غائبة عن هذه الصورة الجماعية، على الرغم من أنه لا يمكن التقليل من دورها في نجاح حملة إسقاط الأسد؛ إذ حيّدت قدرات حزب الله على مساعدة الأسد، في معظمها، واستهدفت القوات الإيرانية والميليشيات الموالية لإيران في سورية بشكل ممنهج، الأمر الذي مهّد الطريق أمام الشرع للانطلاق من إدلب والوصول إلى قصر الرئاسة في دمشق، تقريباً من دون مقاومة، والآن، تُعتبر إسرائيل - حتى في واشنطن - عقبة في طريق استثمار هذا الإنجاز السوري.

إن المظلة الداعمة التي أحسنَ الشرع بناءها خلال أقل من عام، ستجد صعوبة في إزالة العقبات الثقيلة التي تعيق وفاءه بالتزاماته إزاء ترامب، وإزاء الشعب السوري والدول الداعمة له، ويتطلب انضمام سورية إلى التحالف ضد “داعش” من الشرع نشر قوات سورية مدربة ومجهزة، بينما لا يزال “الجيش السوري الجديد” في طور التأسيس؛ فتركيا بدأت بتدريب الجيش؛ بينما تموّل السعودية وقطر عملية التنظيم العسكري؛ الولايات المتحدة ستُشرك سورية في المعلومات الاستخباراتية والأسلحة. لقد نفّذت القوات السورية فعلياً خمس عمليات مشتركة مع القوات الأميركية، وحققت نجاحات جيدة في القضاء على عناصر من “داعش”، لكن من أجل تسلُّم الجيش السوري المسؤولية الكاملة عن المعركة، فإن الأمر يحتاج إلى وقتٍ وإدارة فعالة لهيكلة الجيش وانتقاء المقاتلين، لضمان عدم تسلُّل المتطرفين والعصابات، والسيطرة على الميليشيات التي لم تُدمَج بعد.

وتشير التقارير، التي تحدثت عن محاولتَي اغتيال للشرع تم إحباطهما، وازدياد نشاط مقاتلي “داعش” (بين 3000 و5000 عنصر)، إلى احتمال توسُّع الجبهة، ما لم يتم القضاء عليهم بسرعة، وسبق أن اقترحت سورية، بالتعاون مع تركيا، بناء سجون خاصة لعناصر “داعش” على أراضيها، لنقل عشرات الآلاف من المعتقلين من السجون التي تديرها القوات الكردية.

الولايات المتحدة تؤيد الفكرة، لكن تنفيذها يتطلب تجنيد وتدريب آلاف الجنود، وكذلك يتطلب الأمر اتفاقاً مع القوات الكردية – الحليفة لواشنطن – التي تخشى من تسليم الملف للنظام السوري، وهو ما يعني التخلي عنها لاحقاً. لقد أعلن الأكراد استعدادهم للانضمام إلى الجيش السوري، لكن فقط كقوة موحدة، لا كأفراد متفرقين، وطالبوا بأن تكون لهم السيطرة الأمنية على المناطق الكردية.

سيحاول ترامب ومبعوثه توم برّاك، خلال الاجتماعات في واشنطن، إقناع الشرع بالتوصل إلى صيغة ترضي الأكراد وتضمن أمنهم، لكن “الوصفة السحرية” لم تُكتشف بعد.

فحتى الترتيبات الأمنية مع إسرائيل، تنتظر اللمسات الأخيرة، وعلى الرغم من التقدم في المفاوضات المباشرة بين الجانبين، والرغبة في توقيع اتفاق خلال زيارة الشرع لواشنطن، فإن هناك تفاصيل لا تزال غير محسومة.

وفقاً لتقريرٍ نشرته وكالة رويترز في الأسبوع الماضي، تخطط الولايات المتحدة لإنشاء قاعدة عسكرية بالقرب من دمشق، لمراقبة تنفيذ الترتيبات الأمنية مع إسرائيل، والتي تقوم على إنشاء منطقة منزوعة السلاح، جنوبي دمشق، وحتى حدود سورية الغربية والجنوبية؛ سورية نفت التقرير، لكن حتى لو كانت النية حقيقية، فهناك أمور لا تزال غير واضحة: ماهية صلاحيات القوة الأميركية؛ ما هو مدى المنطقة المنزوعة السلاح؛ وهل سيُسمح لقوات الشرطة السورية بالعمل فيها؛ وما هو مصير سلاح الطائفة الدرزية في السويداء، وهل ستتمكن إسرائيل من الحفاظ على اتصال مباشر بتلك الطائفة؟

في النهاية، تعتمد الترتيبات الأمنية، سواء مع إسرائيل، أو بخصوص مستقبل القوات الكردية، على قرارات الشرع وترامب، لكن التحدي المدني، أي إعادة إعمار سورية، هو مهمة ضخمة مستقلة، لا تزال تنتظر خطة تنفيذية واضحة. حتى الآن، نجح الشرع في الحصول على تعهدات مالية تقارب الـ28 مليار دولار، من أجل إعادة إعمار سورية، وهي في معظمها، من السعودية وقطر وتركيا، لكن وفق تقديرات البنك الدولي، فإن إعادة الإعمار تتطلب أكثر من 300 مليار دولار.

باستثناء المساعدات الإنسانية الأولية وتمويل رواتب الجنود، لا يمكن أن تتدفق الأموال الضخمة إلّا بعد رفع العقوبات الأميركية، وبشكل خاص تلك الواردة في “قانون قيصر” الذي أقرَّ في سنة 2019، والذي يمنع أي دعم مالي، أو فني، للنظام السوري. لقد وافق الكونغرس على إلغاء القانون، لكن يجب أيضاً أن يصادق عليه مجلس النواب، وقد يتأخر ذلك أسابيع، وقد يواجه معارضة داخل الحزب الجمهوري نفسه.

حتى ذلك الحين، لن تُفتح خزائن أي مستثمر، أو دولة، بما في ذلك الدول العربية المانحة، وفي هذه الأثناء، يعيش أكثر من نصف سكان سورية تحت خط الفقر، ولا يتجاوز النمو الاقتصادي المتوقع هذا العام 1%، بينما الخدمات العامة منهارة، والمصانع، في معظمها، متوقفة.

إن إلغاء العقوبات شرط ضروري للبدء بالإعمار، لكنه ليس كافياً، فالحكومة السورية مطالَبة بإقرار حزمة من القوانين التي تنظّم عمل البنوك، وتضمن حماية الاستثمارات الأجنبية، وتكافح الفساد وغسل الأموال، وتحدد شروط منح الامتيازات للمشاريع؛ حتى الآن، عرف الشرع كيف “يتعامل” مع القوى المعارِضة سياسياً، لكنه قد يكتشف أن المعركة على المال أصعب كثيراً من المعركة العسكرية التي نجح في خوضها ضد نظام الأسد.

المقال السابق
جريمة ثقافية في قلب دمشق.. اختفاء آثار نادرة من المتحف الوطني
نيوزاليست

نيوزاليست

newsalist.net

مقالات ذات صلة

هل نجح الشرع في تفكيك تشدد "ضحية قندهار" منه بعد لقاء جمعهما في واشنطن؟

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية