معهد ” ألما” للدراسات في شمال اسرائيل
في 4 كانون الأول/ديسمبر، أرسل لبنان وإسرائيل ممثلين مدنيين إلى محادثات مباشرة بين البلدين. شارك عن الجانب الإسرائيلي القائم بأعمال رئيس مجلس الأمن القومي غيل رايش، وعن الجانب اللبناني السفير السابق لدى الولايات المتحدة سيمون كرم.
خلفية الخطوة
جاء الإعلان بعد دعوة الرئيس اللبناني جوزيف عون إلى مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع إسرائيل للتوصل إلى اتفاق أمني، في ظل تقارير عن احتمال تصعيد الضربات الإسرائيلية ضد حزب الله وفشل الحكومة اللبنانية في تفكيك سلاح الحزب. كما لعب الضغط الأميركي دورًا في دفع الطرفين إلى فتح قناة حوار مباشر.
من المهم الإشارة إلى أن القانون اللبناني يحظر أي تعاون أو اتصال مع إسرائيل باعتبارها «دولة عدوة». حتى الآن، اقتصرت الاتصالات على ممثلين عسكريين عبر طرف ثالث، ولم تكن هناك أي قنوات دبلوماسية مباشرة.
الموقفان اللبناني والإسرائيلي
وصف بيان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي الخطوة بأنها «تطور تاريخي» وفرصة دبلوماسية واقتصادية للبنان. في المقابل، سارع رئيس الوزراء اللبناني نواف س لام إلى التأكيد أن المحادثات لا تتعلق بالتطبيع أو التعاون الاقتصادي، بل تهدف فقط إلى منع التصعيد وترتيبات أمنية.
رمزية أكثر من واقعية
فتح قناة دبلوماسية مع لبنان يبقى خطوة رمزية، إذ إن وجود حزب الله يجعل فرص التوصل إلى اتفاق تطبيع شبه معدومة. حتى التوصل إلى اتفاق أمني يبدو صعبًا للغاية، إذ يتطلب آلية مراقبة موثوقة لضمان التزام الحكومة اللبنانية وعدم السماح بإعادة تأهيل الحزب. في الوقت نفسه، ترى إسرائيل أن استمرار ضرباتها ضد الحزب ضروري لأنه لن يتخلى عن سلاحه.
من المرجح أن يطالب لبنان بوقف الضربات وانسحاب إسرائيل من خمس نقاط استراتيجية على الحدود كشرط لأي اتفاق، ما يجعل التفاهمات صعبة المنال.
هل للدبلوماسية فوائد؟
رغم التحديات، يمكن للدبلوماسية أن تحقق مكاسب، أبرزها:
إضعاف شرعية حزب الله: المحادثات المباشرة، بدعم أميركي وربما إقليمي من مصر أو السعودية، قد تعزز سلطة الحكومة اللبنانية وتكشف الحزب كجهة معزولة. منظور إقليمي: في ظل سعي دول مثل تركيا وقطر والسعودية لتعزيز نفوذها في دول ضعيفة كسوريا ولبنان، لا يمكن لإسرائيل تجاهل فرص بناء قنوات دبلوماسية لتوازن القوى. تقوية الاق تصاد اللبناني: أي تعاون اقتصادي غير مباشر قد يتيح للحكومة تقديم خدمات بديلة للقاعدة الشعبية الشيعية، ما يضعف اعتمادها على الحزب. احتواء النفوذ الإيراني: التفاهمات الإقليمية والدولية يمكن أن تحد من تمدد إيران التي تستخدم القوة الناعمة إلى جانب العسكرية لتعزيز نفوذها. تحسين صورة إسرائيل دوليًا: إظهار استعدادها للحلول السياسية يعزز مكانتها الدولية. التحديات والمخاطر____
ضغط دولي على إسرائيل لوقف الضربات أو الانسحاب من النقاط الحدودية، ما يمنح الحزب فرصة لإعادة بناء قوته. رد فعل الطائفة الشيعية: قد يؤدي الضغط الدبلوماسي إلى تعزيز التضامن مع الحزب بدلًا من إضعافه. نفوذ حزب الله في الحكومة: وجوده مع حركة أمل يجعل أي اتفاق شبه مستحيل. العلاقة مع إيران: من غير المرجح أن تقطع بيروت علاقاتها مع طهران، التي ستسعى لإفشال أي تقارب لبناني-إسرائيلي. خلاصة
لا يمكن لإسرائيل التخلي عن نشاطها العسكري في لبنان، لكنها تحتاج إلى استراتيجية طويلة الأمد تجمع بين الضغط العسكري والتحرك الدبلوماسي الإقليمي والدولي. فتح قناة مباشرة مع لبنان خطوة مهمة، لكنها محفوفة بالتحديات، وفرص نجاحها في تحقيق تفاهمات حقيقية تبقى محدودة.
