"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

ما نفع اليونيفيل؟

فارس خشّان
الثلاثاء، 10 يونيو 2025

ما نفع اليونيفيل؟

تجري التحضيرات في الكواليس الدبلوماسية، من أجل البت بمصير “قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان” (اليونيفيل). ولاية هذه القوة تتجدد سنويًّا، وهي سوف تنتهي في آب (اغسطس) المقبل، ويفترض، من أجل استمرارها أن يجدد مجلس الأمن الدولي لها، بقرار جديد، اعتاد على إصداره سنويا، بعد مراجعة الوقائع الميدانية، منذ إنشاء هذه القوة في العام 1978، وذلك عقب الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان، وصدور القرار 425.

ومنذ تشكيل هذه القوة، وقعت في لبنان حروب عدة مع إسرائيل من بينها اجتياح العام 1982 وحرب العام 2006 و”حرب المساندة” العام 2023 ، وحرب” سهام الشمال” المستمرة منذ أيلول ( سبتمبر) 2024.

وتتطلع إسرائيل الى التخلّص من المؤسسات التابعة للأمم المتحدة في مناطق نفوذها، واليونيفيل لا تشذ عن هذا السياق. بالتوازي يحاول “حزب الله” استغلال هذه القوة الدولية بحيث يطوّع الدول التي لها وحدات فاعلة فيها، من خلال تحويل عسكريّيها الى “رهائن”، ومن الادلة على ذلك السلوك الفرنسي والايطالي والاسباني، على سبيل المثال لا الحصر. ولا يتردد هذا الحزب في التمرد على قرارات مجلس الأمن، بعدما أعطت اليونيفيل حرية الحركة في الجنوب من دون حاجة الى إذن من الجيش اللبناني. تمرد يتجلّى في أكثر من مناسبة باعتداءات على وحدات هذه القوة الدولية.

وبناء على كل هذه المعطيات، يتساءل كثير من اللبنانيين عن جدوى استمرار اليونيفيل. وهناك في عواصم القرار، ولا سيّما في الولايات المتحدة الأميركية، تيّارات قوية تلاقي هؤلاء اللبنانيين في النظرة السلبية الى استمرار عمل اليونيفيل على قاعدة “عدم الجدوى”.

ولم يكن خارج هذا السياق، أنّ تفاهم وقف العمليات العدائية الذي

وافق عليه كل من لبنان واسرائيل في السادس والعشرين من تشرين الثاني(نوفمبر) الأخير، أنشأ لجنة مراقبة لتنفيذ التفاهم، من خارج آلية عمل اليونيفيل، بحيث ترأستها الولايات المتحدة الأميركية التي اتخذت من الجيش الإسرائيلي أداة عمل، في حال لم يستطع الجيش اللبناني أن يكون هو القوة التنفيذية الناجعة.

الدولة اللبنانية، بكل مكوّناتها السلطوية، تنظر بشكل مختلف الى اليونفيل، فرئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء تعتبرانها شاهدة ضد إسرائيل وعونًا على “حزب الله” في الأيّام العاديات، في حين أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري ينظر اليها اقتصاديًا، على اعتبار أنّ هذه القوى الدولية تُنشئ اقتصادًا مهمًا للمناطق الحدودية، وتقدم خدمات حيوية للمواطنين في تلك البلدات والقرى، وتُبقيه هو حاجة للدول العاملة ضمن “اليونيفيل” على اعتبار أنّه يملك “المونة” اللازمة على “حزب الله” ل”دوزنة” رسائله بما يسمّى “تحرك الأهالي”.

وكل هذا يفيد بأنّه في حال نجحت الضغوط في إنهاء مهمات اليونيفيل في جنوب لبنان، فإنّ الجيش اللبناني سيكون وجهًا لوجه مع إسرائيل، وسوف يكون وحيدًا في مواجهة طلبات رئاسة لجنة تنفيذ تفاهم وقف العمليات العدائية، وسيرفع الجيش الإسرائيلي من وتيرة عملياته ضد كل ما له علاقة ب”حزب الله” ليس في الجنوب فحسب، بل على امتداد لبنان أيضًا، وسوف يجد كثير من الجنوبيين أنفسهم في وضعية النزوح الإقتصادي، بفعل ما سوف يصيب منطقتهم من شح في المال وتباطؤ في الحركة وانعدام في الخدمات. وبذلك يضيف التفقير نفسه عاملًا حاسمًا على العامل الأمني الخطر في قرى الحافة الأمامية.

إنّ حاجة لبنان الى “اليونفيل” تظل كبيرة، ولذلك لا بدّ لرئاسة الجمهورية والحكومة في آن من العمل الحثيث على معالجة سلوك “حزب الله” في الجنوب عمومًا وضد “اليونيفيل” خصوصًا، وذلك من أجل إضعاف المنطق الضاغط لكل من يريد أن ينتهي من اليونيفيل اليوم قبل الغد!

نشر في “النهار”

المقال السابق
اسرائيل تستهدف بواسطة سفنها العسكرية ميناء يمنيًّا حوثيًّا

فارس خشّان

كاتب سياسي

مقالات ذات صلة

دبلوماسي غربي ل"نيوزاليست": اليونيفيل باقية ولكن بشروط "الزمن الجديد"!

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية