عكست الحركة الدبلوماسية - الأمنية، الأميركية والعربية، في اليومين الماضيين حساسية المرحلة التي يمرّ بها لبنان، بما يُذكّر بالأجواء التي أعقبت اتفاق غزة، خصوصاً مع دخول الجانب المصري على الخط لاحتواء أي تصعيد عسكري إسرائيلي محتمل.
عشية وصول رئيس المخابرات المصرية الى لبنان، جال، يوم الاثنين السفير المصري في بيروت علاء موسى على كبار المسؤولين اللبنانيين.
وفي شرح لما تقوم به بلاده، قال بعد لقائه رئيس الحكومة نواف سلام:
ما نحمله من رسائل إلى لبنان هو ضرورة التحوّط ممّا يحدث. نحن لا نحمل رسائل تهديد ولا تحذير، بل رسالة تحوّط ممّا يمكن أن يحدث في المستقبل. نحن ننسّق مع الدولة اللبنانية بكامل أركانها من أجل محاولة الوصول إلى حلّ يجنّبنا المزيد من التصعيد”.
وفي حوار مع الصحافيين بعد اجتناعه مع رئيس الجمهورية جوزاف عون سئل موسى:
الى اي مدى هناك امكانية ان ينسحب الاتفاق الذي تم في غزة على لبنان وما المطلوب منه في هذا الاطار؟
اجاب: “نحن نقول ان وقف اطلاق النار في غزة جعل الجميع يلتقط انفاسه، ومن المفترض ان تنعكس تهدئة الاوضاع في غزة ايجابا على المنطقة وتجعلنا نهتم بملفات اخرى ليتم تسويتها بالشكل السلمي والمناسب كي لا تتطور الى ابعاد اخرى. ونحن ننظر الى ما تم في غزة بشكل ايجابي ونرجو ان ينسحب على ملفات اخرى في المنطقة على رأسها الملف اللبناني. وكما بذلت مصر جهدا في تسوية الامور في غزة، وهي قضية لا يزال امامها اشواطا كثيرة لتقطعها، ولكن بدأنا بالخطوة الاولى، فاننا نرجو ان نستغل علاقات مصر مع مختلف الاطراف لمساعدة لبنان على الخروج من هذه المرحلة الشائكة، لأنه في الحقيقة يجب اخذ الحيطة مما يمر به لبنان ومحاولة ايقافه في اسرع وقت ممكن، ومن ثم ننظر في كيفية حل المشكلة من جذورها”.
سئل: هل مصر ستكون هي الوسيط في التفاوض غير المباشر الذي يقوم به لبنان؟
أجاب: “إن مصر لم تبدأ الآن بالمساعدة في الملف اللبناني، بل هناك جهود مصرية منذ فترة طويلة، منذ بدأت مسألة جبهة اسناد غزة، ونحن نسعى الى التأكيد انه لا بد من تهدئة الاوضاع، ولا بد من وأد كل الظروف التي تؤدي الى تطورها بشل سيء ونحن الآن نواصل هذا الامر، ولذلك نقوم بالتنسيق مع الدولة اللبنانية التي لا بد من الاستماع من جميع أركانها، وعلى رأسهم فخامة الرئيس عون الى اي اتجاه يريدون ان تذهب الامور، وفي الحقيقة كل المؤشرات التي تأتي من الرئيس عون تشير الى انه يسعى الى تحقيق مصلحة لبنان ولديه مقاربة موضوعية ونحن ندعمها بالكامل”.
سئل: هل زيارة مدير المخابرات المصرية للبنان غدا تحمل تهديدا ام تحمل مبادرة جديدة؟ لأن بعض الصحف ذكر بأن زيارته تحمل تحذيرا للبنانيين من ان هناك كلاما عن حرب ضروس ستحصل ضد لبنان.
اجاب: “أؤكد لكم مرة اخرى ان ما يحصل من تطور في الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان، سواء في مداها الجغرافي او في وتيرتها او في اهدافها او نوع الاهداف يجعلنا في الحقيقة نحتاط مما هو قادم في المستقبل. فعندما تتحدث مصر، او تتحرك، او يتوسط بعض المسؤولين المصريين لس بهدف التحذير، ولا لنقل رسائل تهديد بل هي تسعى الى مشاركة الطرف اللبناني في ما تراه من امور يجب اخذ الاحتياط منها. وهذه هي المقاربة المصرية وما تقوم به مصر على مستوى مسؤوليها”.
زيارةرشاد
والاربعاءاستقبل الرئيس عون، رئيس المخابرات العامّة المصرية الوزير حسن محمود رشاد مع وفد مرافق، في حضور المدير العام للامن العام اللواء حسن شقير ومدير المخابرات في الجيش العميد أنطوان قهوجي.
ونقل الوزير رشاد الى الرئيس عون في مستهل اللقاء، تحيات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وتمنياته له بالتوفيق في قيادة لبنان نحو شاطئ الأمان.وتمَّ خلال اللقاء عرض الأوضاع العامَّة في المنطقة عموما، وفي الجنوب خصوصا، إضافة الى الوضع في غزة. وابدى الوزير رشاد استعداد بلاده للمساعدة في تثبيت الاستقرار في الجنوب وانهاء الوضع الأمني المضطرب فيه. كما جدد التأكيد على دعم مصر للبنان.
وحمّل الرئيس عون الوزير رشاد تحياته الى الرئيس السيسي، شاكرا الدعم الذي تقدمه جمهورية مصر العربية للبنان في المجالات كافة، مرحبا باي جهد مصري للمساعدة في وقف الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان وإعادة الاستقرار الى ربوعه.
وزار رشاد الرئيس نبيه بري وعرض معه تطورات الاوضاع العامة في لبنان والمنطقة، بحضور اللواء شقير والعميد قهوجي.
ومساء زار اللواء رشاد رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام مع الوفد الأمنيال المصري، وذلك بحضور شقير وقهوجي.
تمّ خلال اللقاء البحث في الأوضاع العامة في المنطقة، ولا سيّما في غزة، وسبل تعزيز التنسيق بين لبنان ومصر في الملفات الأمنية والعسكرية. كما تمّ التطرّق إلى سبل الاستفادة من الأجواء الإيجابية التي أفرزها اتفاق غزة وقمّة شرم الشي خ لتوسيعها بما يشمل دعم الاستقرار في لبنان وتطبيق اتفاق وقف الأعمال العدائية الصادر في تشرين الثاني الماضي.
وأشاد الرئيس سلام بالدور المصري التاريخي في دعم لبنان في مختلف المراحل، مؤكّدًا أنّ تثبيت الأمن والاستقرار في الجنوب يشكّل أولوية وطنية تتكامل فيها الجهود اللبنانية مع الدعم العربي والدولي.
من جهته، جدّد اللواء رشاد تأكيد بلاده الوقوف إلى جانب لبنان واستعدادها لتقديم كل ما يلزم للمساعدة في إنهاء التوتّر ودعم المؤسسات الأمنية اللبنانية.
