انطلقت اليوم الثلاثاء حملة الـ16 يومًا لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي في لبنان، حاملةً رسالة مهمة هذا العام: إنهاء العنف الرقمي ضد النساء والفتيات. في السنوات الأخيرة، تحولت منصات التواصل الاجتماعي إلى ساحات تتكرر فيها أشكال العنف ضد النساء، ما أثار قلقًا متزايدًا نظرًا لغياب حماية قانونية واضحة وتأثيرات العنف النفسي والاجتماعي العميقة.
يظهر العنف الرقمي في لبنان بأشكال متعددة، بدءًا من التعليقات المسيئة والرسائل المهينة، وصولاً إلى الابتزاز والتهديدات المباشرة، واختراق حسابات النساء ومراقبة أجهزتهن. كما يتصاعد التنمر الإلكتروني والتشهير، ويُستخدم انتحال الهوية عبر حسابات مزيفة لاستغلال صور ومعلومات النساء، ما يسبب ضغطًا نفسيًا طويل الأمد ويقلل الفارق بين العنف الافتراضي والواقعي.
تشير منظمة “فيمايل” إلى تسجيل نحو 300 حالة عنف رقمي شهريًا في لبنان، 80% منها ضد النساء والفتيات. وتوضح الناشطة مريم ياغي أن هذه الأرقام تمثل فقط الحالات المبلغ عنها، بينما يخفي الواقع أعدادًا أكبر بسبب الخوف من الحكم الاجتماعي، والعار، وعدم الثقة بالمؤسسات.
تعتبر حملة الـ16 يومًا لهذا العام العنف الرقمي أولوية قصوى، حيث أطلقت منظمة “فيمايل” حملة بعنوان “البلوك المضمون… بكون بالقانون” لدفع البرلمان نحو إقرار قانون وطني يحدد العنف الرقمي ويوفر حماية حقيقية للنساء والفتيات.
وفي هذا السياق، تبرز جمعية “مفتاح الحياة” كجهة فاعلة، حيث ترى مديرة الجمعية لانا قصقص أن العالم الرقمي أصبح ساحة جديدة للعنف ضد النساء، عبر الابتزاز، المراقبة، والتزييف العميق، وغالبًا ما يكون المعتدون من شركاء أو أزواج أو جهات مجهولة تستغل المحتوى الرقمي للإضرار بهن. وتعمل الجمعية على حملات توعية إلكترونية، وورش عمل ميدانية تهدف إلى تمكين النساء والأمهات من أدوات الأمان الرقمي، بالإضافة إلى برامج تستهدف الشباب لتعزيز الوعي ومكافحة التنمر الإلكتروني.
تشدد الناشطة مريم ياغي على ضرورة مقاربة سياسية وقانونية جديدة لمواجهة العنف الرقمي، معتبرة أنه ظاهرة مجتمعية متصاعدة تحتاج إلى قانون واضح يحدد المسؤوليات ويوفر حماية فعلية. بالإضافة إلى ذلك، تؤكد لانا قصقص على أهمية التغيير الثقافي والتربوي عبر تعزيز الحوار الأسري، إدماج التربية الرقمية في المدارس، وتشجيع ثقافة التبليغ والدعم بدلاً من اللوم.
إن مكافحة العنف الرقمي تتطلب جهودًا متكاملة بين التشريع والتوعية المجتمعية لضمان بيئة رقمية آمنة تحمي حقوق النساء والفتيات وتمنحهن الأمان الذي يستحقونه.