على مدى السنوات الخمس الماضية، سيطرت “هيئة تحرير الشام” وأدارت ما كان يُعتبر أنه آخر معقل معارض رئيسي في سوريا في منطقة إدلب في شمال غرب البلاد حيث يع يش حوالي 4 ملايين سوري معظمهم من المهجرين والنازحين.
ويقول جيروم دريفون، المحلل في مجموعة الأزمات الدولية الذي التقى بقادة “هيئة تحرير الشام”: “خلال تلك السنوات، انفتحت هيئة تحرير الشام على الأقليات الدينية. على سبيل المثال، التقى قادة هيئة تحرير الشام بممثلين عن المسيحيين بغية تناول مخاوفهم”.
ويوضح في حديث الى وسيلة إعلام ألمانية: “كانت القضية الرئيسية تتعلق باستيلاء عد من النازحين على منازل للمسيحيين [في منطقة إدلب]”، مضيفاً أن “هيئة تحرير الشام أعادت تلك المنازل والأراضي إلى أصحابها المسيحيين.
منذ عام 2018، تمكن المسيحيون في منطقة إدلب من الاحتفال بأعيادهم الدينية مثل عيد الفصح أو عيد الميلاد. وقال دريفون: “لقد تحسنت حقوقهم إلى حد كبير”، مسلطاً الضوء على معاملة مماثلة تلقتها الأقلية الدرزية في مناطق سيطرة “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقاً قبل إعلانها فكّ ارتباطها بتنظيم القاعدة).
انطلقت “هيئة تحرير الشام”، الحليفة لتركيا، في نهاية عام 2011 تحت اسم “جبهة نصرة أهل الشام” بعد اندلاع الاحتجاجات في سوريا ومن ثم تحولها لنزاع مسلح. كانت الجبهة في بدايتها مرتبطة بتنظيم القاعدة، لكنها أعلنت فك ارتباطها بالتنظيم الإرهابي العالمي لاحقاً معلن ة أنها لا تسعى للجهاد المعولم العابر للحدود.
ويعلق جيروم دريفون، المحلل في مجموعة الأزمات الدولية الذي التقى بقادة “هيئة تحرير الشام”: “إنهم يريدون الإطاحة بالنظام السوري وإقامة نظام جديد بدلاً منه”.
وأضاف: “ولهذا، أعربوا عن استعدادهم لإنشاء علاقات استراتيجية مع تركيا والعراق، وقبل أيام قليلة فقط، أصدروا بياناً يقولون فيه إنهم قد يقيمون علاقات مع الروس أيضاً”.
جديلار ذكره أن الهيئة تعاطت، بتسامح كبير، مع تظاهرات سارت في إدلب ضد سلطتها وسلكة رئيسها ابو محمد الجولاني، وعملت على تلبية كثير من المطالب التي رفعها المتظاهرون.
آخر تظاهرة كانت في أيلول الماضي، وفي رد عليها قال المتحدث باسم إدارة الشؤون السياسية التابعة لهيئة تحرير الشام عبيدة الأرناؤوط، إن “من حق الجميع أن يعبّر عن رأيه ويقول كلمته، وعلينا أن نستمع لمطالب أهلنا، لتكون طلباتهم محط نظر واهتمام، وننظر إلى المظاهرات بشكلها الحالي على أنها حالة تعبير عن غضب، ونتيجة لتراكم قرارات وإجراءات عدة ينقصها المهنية، بسبب عدم نضج المؤسسات الثورية؛ لأننا تجربة وليدة بحاجة إلى التقييم والمراجعة في كل مرحلة استحقاق، رغم أن النموذج الثوري الذي أفرزته الثورة لاقى القبول وكثيرا من الاستحسان”.