سئل رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام في مقابلة مطولة مع صحيفة “الشرق الأوسط: هل تلقيت في الأسابيع الأخيرة نصائح بالانتباه إلى أمنك الشخصي؟
أجاب:عندي شعور دفين بأن أكثرية اللبنانيين تمنح حكومتنا، ولا أقول تمنحني، الثقة، وأنا أتصرف انطلاقاً من ثقتهم وضميري مرتاح. أيُّ تهديدات تصدر أعتقد أنها تأتي من أقلية صغيرة من اللبنانيين أو من أفراد طائشين.
سئل: هل أنت نادم على توليك رئاسة الوزراء في لبنان؟
أجاب: أنا مهتم بالشأن العام منذ عشرات السنوات. الشأن العام يعنيني منذ الصغر. فقد عشت في عائلة تهتم بالشأن العام. كتبت كثيراً عن الإصلاح في لبنان. رأيت فرصة. أن يتمكن أحد من ترجمة بعض هذه الطموحات الإصلاحية في هذا العهد (عهد الرئيس جوزيف عون). ما زادني تفاؤلاً ولمست به فرصة هو خطاب القسم لفخامة رئيس الجمهورية. اليوم أسعى إلى أن أنفِّذ ما يمكن تنفيذه من الهم الإصلاحي الذي حملته لسنوات طويلة.
سئل: هل تؤلمك الحملة التي تُشن على وسائل التواصل والتي تستهدفك؟ هل تشعر بأن لديك حصانة ضد الاتهامات التي تطولك؟
أجاب: لا أحد يعمل في الشأن العام إلا ويمكن أن يُتهم زوراً وبطلاناً. ولكن يجب التمييز. هناك أشخاص حقيقيون يقومون بهذه الحملة، وهناك آلاف مؤلَّفة من حسابات الجيوش الإلكترونية على وسائل التواصل الاجتماعي. هؤلاء ليسوا أناساً حقيقيين. يقولون: خائن وصهيوني. هل يصدق أحد ممن يطلقون هذه الاتهامات أنني خائن. هل أنا بحاجة إلى شهادات في الوطنية؟ هل أنا بحاجة إلى شهادات بشأن مواقفي من إسرائيل؟ أعفو عن مطلقي هذه الاتهامات لأنهم يعرفون أنها غير صحيحة. ولكن لا أعفو عن تأليبهم جمهورهم بهذا الكلام، لأن هذا الأمر خطير، ليس لأنه يطولني شخصياً، فهذا لا يهمني، خطورته أنه يؤدي إلى فتنة في البلد. الذي يقول لنا إنه ينبِّهنا من الحرب الأهلية ويخوِّفنا من الحرب الأهلية، عليه أولاً أن يهتم بسحب سلاح الفتنة هذه. هذا كلام فتنويّ. في الأسبوع الأخير سعيت بكل ما أوتيت إلى التهدئة وسحب فتيل الفتنة، ولكن لتتفضل الأطراف الثانية التي تنفخ في بوق الفتنة من خلال القول «هذا صهيوني» وتقوم بتعبئة جمهورها، فلتتفضل وتتوقف عن ذلك، ولا أقول أن تعتذر عن هذا الكلام. هذا كلام خطير. هذا يمكن أن يؤلِّب شارعاً ضد شارع. وهذا ما لا أريده. وواثق أن غالبية اللبنانيين معي.
سئل: هل تستطيع أن تمر في السلطة وتقاوم إغراء المال؟
أجاب: شُغلتنا أن نحاسب الذين هدروا مال الدولة. والحمد لله لم يأتنا أحد بتهمة الاقتراب من فلس من أموال الدولة. بالعكس، نحن نسعى إلى أن نسترد أموال الدولة التي تمت سرقتها ونمنع حصول ذلك في المستقبل.
سئل: هل تحن إلى أجواء محكمة العدل الدولية؟ هل يقلق القاضي أنه تحول إلى رجل دولة وسياسي في آنٍ؟
أجاب: عمل القضاء ومحكمة العدل الدولية غير عمل الحكومة اللبنانية. سعيد بأنه خلال فترة رئاستي لمحكمة العدل أصدرنا الرأي التاريخي بموضوع «لا شرعية الاحتلال الإسرائيلي، ولا شرعية الاستيطان»، وطُلب من إسرائيل أن تقوم بكذا وكذا وكذا وكذا. وسعيد أيضاً بأنني شهدت خلال فترة رئاستي القرارات المتعلقة بقطاع غزة، وكنا أول من حذّر من عملية التجويع التي تحصل في غزة، وقلنا إن ما يحصل يمكن أن يرقى إلى أعمال إبادة جماعية. لكنني لم أُرِدْ أن أفوِّت فرصة المساهمة في إصلاح أوضاع بلدي وإنقاذه ولو في شكل صغير مما يعاني منه.
سئل: أعلنت أنت والوزراء أنكم لن تخوضوا الانتخابات النيابية. فهل تتوقع أن تصبح عضواً في نادي رؤساء الحكومات السابقين؟
أجاب: هذه الحكومة يجب أن تشرف على الانتخابات، وشرط أساسي من شروط نزاهة الانتخابا ت هي حيادية السلطة المشرفة على العملية الانتخابية. إذن لا أنا ولا أي واحد من زملائي يمكن أن يخوض الانتخابات النيابية. تريد انتخابات نزيهة؟ هذا يَفترض الحياد. كيف تكون رئيس حكومة وأنت مرشح في الانتخابات؟ إنك تضرب صورة نزاهة الانتخابات. أعرف أن هذا حصل في السابق ولكن رأيي أن هذا خطأ. على امتداد العهد الشهابي الأول والثاني كانت الحكومات تستقيل قبل الانتخابات، وتأتي حكومة انتخابات من خارج أعضاء مجلس النواب. مثلما أشرفنا اليوم على الانتخابات البلدية سنشرف على الانتخابات النيابية ولن نترشح فيها.
سئل: عندما دخلت السراي الحكومية أيُّ ظلٍّ من ظِلال أسلافك استقبلك؟
أجاب: هناك الكثير من أسلافي الكبار. تشعر بأنك صغير مقارنةً بما قدموا للبلد. هؤلاء معروفون ولن أسميهم. هناك كبار وقد استُشهدوا.
سئل: لو أتيح لك الوقت فأي كتاب ستقرأ؟
أجاب: للأسف، إذا جئت عندي إلى البيت لَرأيتَ الكتب تتكدس بعضها فوق بعض. لم أعد أعرف بأيٍّ منها سأبدأ. ليس عندي وقت للقراءة للأسف.
سئل: بمن تأثرت من الكتَّاب في صغرك؟
أجاب: كنا نقرأ كثيراً. أنا من جيل كان يقرأ كثيراً. يعني أقرأ كثيراً. هناك كتاب مفتاح أعتقد أنه مفتاح لعالم فكري، كتاب لمؤرخ من أصل لبناني هو ألبرت حوراني. هو من مرجعيون (جنوب لبنان) وذهب إلى بريطانيا وصار أستاذاً كبيراً في «أكسفورد». كتابه الشهير عن الفكر العربي في عصر النهضة. هذا الكتاب كان مفتاحاً أدخلني في عالم الاهتمام بالطهطاوي وقراءة قاسم أمين ومحمد عبده، وكيف تشكل الفكر القومي.
سئل: هل أحببت شاعراً ما؟
اجاب: محمود درويش الشاعر كان صديقاً شخصياً، رحمة الله عليه. هو كبير شعراء العرب. إنني واثق بأنه كان يمكن أن يكون حاملاً اليوم جائزة نوبل للأدب.
سئل: وإذا سمح وقتك بالاستماع إلى أغنية؟
أجاب: تربينا ونحن نستمع من فيروز إلى عبد الحليم حافظ وما بينهما. أكثر مطرب أحبه هو عبد الحليم.