في حوار مطوّل أجراه ال رئيس السوري أحمد الشرع مع الصحفية كريستيان أمانبور خلال مشاركته في منتدى الدوحة 2025، تناول الشرع ملفات الإرهاب، وواقع سوريا بعد التحرير، والعلاقات الدولية، إضافة إلى قضايا الأقليات والعقوبات والانتخابات. وقدّم الشرع تعريفاً حاداً للإرهاب، معتبراً أن المفهوم تعرّض لتسييس واسع وتشويه متعمّد.
تعريف الإرهاب والمعايير المزدوجة
قال الرئيس الشرع إن كثيراً من الأحكام المتعلقة بالإرهاب مسيّسة، وإن وصف أشخاص أو جماعات بالإرهاب يحتاج إلى أدلة لا إلى اتهامات جاهزة. وأضاف أن مفهوم الإرهاب اختلط على كثيرين بسبب تعدد تعريفاته واستخدامه لأهداف سياسية، مؤكداً أن “الإرهابي هو من يقتل الأطفال والأبرياء ويستخدم وسائل غير شرعية لإيذاء الناس”.
وأشار إلى أن تطبيق هذا التعريف يكشف ازدواجية المعايير في العالم، مستشهداً بما يجري في غزة حيث قُتل نحو 70 ألف مدني، إضافة إلى ضحايا “النظام البائد” الذي —بحسب قوله— تسبب بمقتل أكثر من مليون سوري وتغييب 250 ألفاً وتهجير 13 مليون إنسان. واعتبر أن الوعي الشعبي اليوم بات قادراً على تمييز من يستحق صفة “الإرهابي” فعلاً.
سوريا تتجاوز إرث السجون والانتهاك ات
أكد الشرع أن حكومته “كسرت قيود السجون” التي كانت تُمارس فيها انتهاكات واسعة في عهد النظام السابق، مشيراً إلى تحرير سجن صيدنايا الذي قال إنه “كان يحرق عظام الناس بالأسيد”. وشدد على أن الواقع اليوم يفضح المعايير المزدوجة التي تحاول بعض الدول الترويج لها.
حقوق المرأة: مصانة ومضمونة
وفي سياق حقوق المرأة، قال الشرع إن المرأة السورية تتمتع بضمانات قانونية وسياسية، وإن الدولة تعمل على تمكينها وتعزيز مشاركتها في الحكومة والبرلمان، مؤكداً أنه “لا خوف على المرأة السورية”.
الانفتاح الدولي ورفع العقوبات
اعتبر الشرع أن سوريا تسير نحو الاستقرار والانفتاح الدولي بعد عقود من العزلة التي فرضتها سياسات النظام السابق. وقال إن رفع العقوبات، خصوصاً قانون قيصر، سيكون أساسياً في دعم التعافي الاقتصادي، لافتاً إلى حصول تقدم كبير في المحادثات مع الإدارة الأميركية التي “يدعم أكثر من 95% منها” —وفق تعبيره— مسار رفع العقوبات.
إسرائيل وتصدير الأزمات
وهاجم الشرع السياسات الإسرائيلية، قائلاً إن إسرائيل تحاول تصدير أزماتها إلى دول المنطقة للهروب من مسؤوليتها عن “المجازر في غزة”. وأكد أن سوريا أرسلت رسائل إيجابية للاستقرار الإقليمي، لكنها قوبلت بعنف “تجاوز ألف غارة و400 توغل داخل الأراضي السورية”.
وأوضح أن بلاده تعمل مع القوى الدولية للضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي التي احتلتها بعد 8 كانون الأول 2024، مع التشديد على الالتزام باتفاق فضّ الاشتباك لعام 1974. ورفض فكرة إقامة مناطق منزوعة السلاح في الجنوب قائلاً: “من سيحمي المنطقة إن لم يكن الجيش السوري؟”
الوحدة الوطنية ومخاوف الأقليات
رداً على المخاوف من التشرذم، قال الشرع إن سوريا تشهد “نزول الملايين إلى الشوارع احتفالاً بإسقاط النظام السابق”، معتبراً أن هذا دليل على غياب الخوف. وأوضح أن النظام السابق ورّث البلاد نزاعات بين الطوائف، لكن الحكومة الحالية تعتمد نهج العفو والمصالحة.
وأكد الشرع أن سوريا “ليست مجموعة طوائف” بل دولة قانون ومؤسسات، وأن جميع المكونات ممثلة في الحكومة وفق مبدأ الكفاءة لا المحاصصة، مشيراً إلى لجان تقصّي حقائق ومحاكمات تجري لمعالجة الانتهاكات التي حصلت في الساحل والسويداء.
الانتخابات والمرحلة الانتقالية
في ما يتعلق بالانتخابات، قال الشرع إن البلاد غير جاهزة لإجراء انتخاب ات برلمانية شاملة حالياً بسبب فقدان ملايين الوثائق. لكنه أكد أن الانتخابات جزء أساسي من المستقبل السوري، وأن الإعلان الدستوري المؤقت يمنحه صلاحية لخمس سنوات يُكتب خلالها الدستور الجديد، تمهيداً لانتخابات بعد أربع سنوات.
