في أيار/مايو الماضي، أدخلت طفلة تبلغ من العمر عشر سنوات إلى مستشفى في مدينة “فلااردينخن” الهولندية وهي في حالة غيبوبة ومصابة بكدمات وكسور متعددة وتلف دائم في الدماغ، بعد أن تبين أنها كانت محتجزة داخل منزل عائلة كفيلة.
وأظهرت التقارير الطبية وجود كسور قديمة في الفقرات والأضلاع وآثار تقييد وسوء تغذية، مما يشير إلى أن الطفلة التي تبين أنها سورية، تعرضت للعنف لفترة طويلة، في حين أكدت النيابة العامة أمام محكمة روتردام أن الطفلة عاشت ظروفاً ممنهجة من سوء المعاملة داخل منزل الكفيلين شملت الضرب والتجويع والحبس في مساحة مغلقة واستخدام أدوات كهربائية في التهديد، وهو ما أدى إلى فقدانها القدرة على الكلام والحركة والأكل بشكل طبيعي وعجز دائم يجعلها بحاجة إلى رعاية مستمرة مدى الحياة.
وبعد التحقيقات تبين أن هذين الزوجين، وجه إليهما بلاغات موثقة العام 2021 بتهمة إساءة معاملة ثلاثة أطفال لاجئين سوريين من دون أن يؤدي ذلك إلى سحب ترخيص الحضانة أو فتح تحقيق فعلي، مما سمح بوضع الطفلة وأختها لاحقاً تحت رعاية الأسرة نفسها، بقرار صادر عن الجهات الرسمية المعنية برعاية القاصرين.
وأكد مدير برامج الدعم الاجتماعي في مدينة فاندام الهولندية سومر شعبان في تصريحات لوسائل إعلام محلية وعربية أن ما وثقته النيابة العامة، لا يشير إلى حالات عنف معزولة، بل إلى نمط مستمر من التعذيب، مضيفاً أن استمرار تكليف الأسرة نفسها بحضانة أطفال جدد رغم وجود سجل من الشكاوى والبلاغات السابقة يعبر عن خلل إداري يسمح بتكرار العنف في إطار قانوني، كما يكشف ضعف آليات الرقابة والتدقيق، خصوصاً في حالات الأطفال القادمين من خلفيات لجوء أو فئات اجتماعية هشة.
وحمّل تقرير مشترك صادر في كانون الثاني/يناير 2025 عن مفتشية الرعاية الصحية والشباب ومفتشية العدل والأمن، مسؤولية الجهات الثلاث المذكورة مسؤولية التقصير في تقييم المخاطر، وعدم متابعة الشكاوى السابقة، وعدم ربط المعلومات المتوفرة عن سوء المعاملة السابق بمعلومات الرعاية اللاحقة، وهو ما سمح بتسليم الطفلة إلى أسرة سبق التحذير منها، وذلك في خلل مؤسسي موثق أدى إلى نتائج دائمة على صحة الطفلة وسلامتها الجسدية والنفسية.
ولم يصدر الحكم النهائي بعد في القضية، فيما اكتفت الحكومة الهولندية بإعلان نيتها تشديد الرقابة على الأسر الكفيلة وإجراء مراجعة للبروتوكولات التنظيمية من دون الإعلان عن محاسبة واضحة للموظفين أو الجهات التي تجاهلت التحذيرات، في وقت لا تزال فيه الطفلة تخضع للعلاج، إلا أن النيابة تطالب حالياً بسجن العائلة المعنفة لمدة 11 عاماً.