"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

في حاجة حزب الله الى العمل السرّي

ساطع نور الدين
الثلاثاء، 22 أبريل 2025

في حاجة حزب الله الى العمل السرّي

‏أما آن لحزب الله أن يختفي من الوجود، العلني على الأقل، وأن يتحول الى تنظيم سرّي، منقطع عن الصوت والصورة، لا يُرى بالعين المجردة، ولا يُسمع أيضاً بالكلام المتقطع، والمُرسل بين الحين والآخر من دون جدوى، ومن دون هدف سوى البقاء في دائرة الجدل والضوء، التي لا تعوض الغياب المتمادي منذ الاتفاق الوهمي على وقف النار، التي لم تتوقف طوال الأشهر الخمسة الماضية.

‏أما آن الأوان للتفكير في تفكيك الحزب، بتركيبته الحالية، وبنيته العقائدية ووظيفته الأمنية والسياسية والاجتماعية، بناء على مراجعة دقيقة للتجربة المديدة وبنجاحاتها واخفاقاتها الكثيرة، تستوحي مراجعات مهمة أجرتها تنظيمات مشابهة تعرضت لضربات قاسية، في مختلف انحاء العالم الثالث، واستخلصت منها العِبر الضرورية، التي تحول بعضها الى دروس مفيدة، تحفظ، في الحد الأدنى، الذاكرة (الوطنية) التي لا تُمحى، وتحول دون سقوطها في العبث أو العدم.

‏ليس عيباً اللجوء الى كتب التاريخ، اللبناني والعربي أولاً، على الأقل لاحصاء عدد التنظيمات السياسية-العسكرية اللبنانية والفلسطينية والسورية والعراقية والسودانية واليمنية، التي زالت من الوجود كلياً، نتيجة تعرضها لما هو أقل بكثير مما تعرض له حزب الله، ولأنها لم تقرأ جيداً تجاربها نفسها، التي كانت في الغالب عفوية، عشوائية، سطحية، ولم تستطع أن تنضج، لا على المستوى النظري ولا على المستوى العملي، فتقطعت بها سبل التحول الفكري والسياسي، وأخفقت في التكيف مع الواقع الذي كانت تنشد تغييره، فأطبق عليها وأخرجها كلياً من الخدمة الفعلية.

‏ما زال الحزب حاضراً بقوة في المشهد المحلي، بأسوأ طريقة ممكنة، وبما يتعارض مع كل الدروس البديهية التي كان يمكنه استخلاصها بسهولة من تجربة الحرب الراهنة، وبما يتنافى مع أبسط الوقائع الحاسمة التي انتجتها تلك الحرب. حالة الاستعراض الإعلامي التي تبغي انكار الهزيمة والتنكر لمفاعيلها، تحولت الى مقتل إضافي للحزب، تثير الشك في أن أمينه العام وكبار مسؤوليه الحاليين ما زالوا يقيمون في الداخل اللبناني وينتمون اليه فعلاً. تناقضات المواقف والاقوال، لا تنم فقط عن حاجة إضافية الى التواصل مع كيان الحزب وجمهوره، ومواصلة تعبئته على فراغ، خصوصاً وأنها صارت مصدراً للهزء والخوف وعدم الثقة بالقيادة الحزبية.

‏الطريق الى المراجعة داخل الحزب، ما زال طويلاً كما يبدو. ما يعني المزيد من العذاب والشقاء الحزبي، والوطني، في بلوغ الأهداف المحددة للخروج من الحرب، والحد قدر الامكان من الخسائر البشرية المفجعة، التي لا يزال الحزب والطائفة والوطن يتكبدها بشكل يومي تقريباً، نتيجة الاختراقات الإسرائيلية المرعبة، التي تجعل الاغتيالات المتلاحقة للقيادات الحزبية، في مختلف انحاء لبنان من دون استثناء، واحدة من أغرب وأخطر وقائع الحرب..التي كان يفترض أن تُكتشف وأن تفتضح وأن يجري الحد منها، حتى ولو اقتضى الامر نزول الحزب كله تحت الأرض، والانقطاع عن جميع وسائل الاتصال الحديثة. ففي ذلك ما يثبت ان الحزب موجود.. ويستحق، في الحد الأدنى، الثقة بأنه ما زال شريكاً في أي حوار وطني، سياسي أو دفاعي، لا يجوز ان يدعى إليه فريقٌ مخترقٌ الى هذا الحد، يعجز حتى عن حماية أفراده ووقف اصطيادهم يومياً على الطرقات وفي المساكن.

‏فتح هذا المسار، هو بلا شك، حاجة وضرورة للحزب والطائفة والوطن. وكل ما عداه عبث يزيد أكلاف الحرب، ويعطل فرص وقفها في المستقبل القريب، أقل قدر ممكن من الشروط الإسرائيلية التعجيزية.

المقال السابق
"الحرب بين حركة سياسية- اقتصادية ومصرفي لبناني نحو "مرحلة تصعيدية خطرة!

ساطع نور الدين

مقالات ذات صلة

إسرائيل تُنشّط آلة القتل و"حزب الله"...في انتظار غودو!

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية