عادت قضية قائد الجيش اللبناني السابق، العماد المتقاعد جان قهوجي، إلى الواجهة مع انتشار وثيقة صادرة عن هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان، تُظهر قراراً قضى برفع التجميد عن حساباته المصرفية، بما في ذلك الصناديق الحديدية، وإعادة العمل بمبدأ السرية المصرفية.
القرار شمل الحسابات المرتبطة به بشكل مباشر أو غير مباشر، رغم أنها كانت مجمّدة على خلفية شبهات فساد متعلقة بما عُرف بـ”فضيحة المدرسة الحربية” وتلقّي رشى مقابل تسهيل القبول في الكلية.
في مواجهة الانتقادات، سارع مصرف لبنان إلى إصدار بيان توضيحي، نفى فيه أن يكون قد اتخذ القرار من تلقاء نفسه، مؤكداً أن رفع الحجز جاء امتثالاً لحكم قضائي نهائي صادر عن “السلطات القضائية المختصة”، التي اعتبرت أن مرور الزمن أسقط التهم. وأوضح البيان أن المصرف تلقّى طلباً رسمياً من المحكمة برفع القيود عن الحسابات وإعادة السرية المصرفية لأصحابها، ما جعله ينفذ القرار كواجب قانوني لا يحتمل التأويل.
لكن هذا التبرير قوبل بتساؤلات قانونية جدية، إذ أشار خبراء إلى أن هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان تملك صلاحية مستقلة في التحقيق بجرائم تبييض الأموال، ويمكنها التجميد ورفع السرية المصرفية من دون انتظار قرار قضائي، ما يطعن برواية “الامتثال القضائي”.
كما أن قانون الإثراء غير المشروع الصا در عام 2020 ينصّ بوضوح على أن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم، سواء في الشق الجزائي أو المدني، عندما يتعلق الأمر باستعادة أموال الدولة. وبالتالي، فإن رفع الحجز عن حسابات قهوجي يطرح تساؤلات حول مدى الالتزام بهذا القانون، ويعيد الجدل حول العلاقة الملتبسة بين القضاء والمصارف في قضايا الفساد الكبرى.