كشفت دراسات جديدة حول التوحّد عن وجود أربعة أنواع فرعية مميزة، وقد يساعد هذا التقدم العلمي على فتح آفاق أوسع لفهم أعمق، ويُحدث تغييرًا في طرق التشخيص والعلاج، كما يساعد العائلات على فهم حالة أطفالهم بشكل أوضح.
ولأن التوحد يظهر بأشكال مختلفة من شخص لآخر، يُطلق عليه اسم “طيف التوحد”. لكن هذا الاسم قد يجعل الناس يعتقدون أنه مجرد درجات تتراوح بين خفيف وشديد، في حين أن التوحد في الواقع متنوع وله أنواع مختلفة لا تسير على خط واحد.
الدراسة التي نُشرت مؤخرًا في مجلة Nature Genetics تُعد خطوة كبيرة في فهم التوحد. فقد اكتشف الباحثون من جامعة برينستون ومؤسسة سيمونز أن التوحد ليس نوعًا واحدًا، بل هناك أربعة أنواع فرعية ، ولكل نوع أعراض وجينات مختلفة.
أبحاث تُعيد تعريف التوحد
باستخدام تقنية تسمى “النمذجة التوليدية المختلطة”، حلل الباحثون قاعدة بيانات ضخمة تحتوي على معلومات سلوكية وجينية لأكثر من 5000 طفل مشارك في دراسة SPARK للتوحد، الممولة من مؤسسة سيمونز. شملت هذه البيانات تفاصيل دقيقة عن أعراض كل طفل على حدة.
وبحسب موقع Psychology Today، أطلق الفريق على منهجهم اسم “التركيز على الشخص”، حيث درسوا أكثر من 230 سمة تشمل السلوكيات الاجتماعية، الأفعال المتكررة، ومعالم النمو. هذا الأسلوب الجديد غيّر اتجاه أبحاث التوحد التي كانت تركز غالبًا على جينات منفردة مرتبطة بأعراض محددة. بدلاً من ذلك، حدّد الباحثون أولًا أربعة أنواع فرعية مميزة من التوحد، ثم درسوا الأنماط الجينية الخاصة بكل نوع.
أربعة أنواع مختلفة من التوحد
التوحد هو اختلاف في طريقة عمل الدماغ يؤثر على كيفية تفاعل الشخص مع العالم من حوله، ويُشخَّص عادة بناءً على صعوبات في التواصل الاجتماعي وسلوكيات متكررة. الدراسة كشفت أن هناك أربعة أنواع فرعية تختلف في الأعراض ونمو الأطفال:
النوع الأول: أطفال يواجهون تحديات اجتماعية وسلوكية، مع احتمال وجود مشاكل نفسية مثل القلق والاكتئاب وفرط الحركة.
النوع الثاني: أطفال يعانون من تأخر في النمو مثل المشي والكلام، لكنهم عادة لا يعانون من مشاكل نفسية.
النوع الثالث: أطفال لديهم تحديات متوسطة، ويتطورون بشكل طبيعي نسبيًا دون مشاكل نفسية واضحة.
النوع الرابع (الأصغر عددًا): يعاني من تأثر واسع في النمو والتواصل، مع مشاكل نفسية وسلوكية شديدة.
هذه الدراسة تساعد في تحسين فهم التوحد، وتوضح أن هناك أنواعًا متعددة تختلف عن التصنيف التقليدي، مع احتمال وجود أنواع أخرى لم تُكتشف بعد.
فهم أفضل للتوحد
قالت أولغا ترويانسكايا، الباحثة الرئيسية في الدراسة، لموقع ميدسكيب: “ا”. وأضافت أن هذا يسهل تشخيصًا أدق وخطط علاج تناسب كل طفل. وأوضحت أن الأبحاث القادمة قد تركز على اختلاف طرق العلاج بين هذه الأنواع وفقا لموقع The week.
في الولايات المتحدة، زادت نسبة التوحد إلى طفل من بين كل 31 في عمر الثامنة، مقارنة بطفل من بين كل 54 في 2016، وطفل من بين كل 150 في 2000، بحسب مراكز السيطرة على الأمراض. ويُعزى هذا الارتفاع إلى تحسنطرق التشخيص وتوسيع تعريف التوحد، مما سمح لعدد أكبر من الأطفال بالحصول على الدعم الذي يحتاجونه. وهذه الأنواع الفرعية الجديدة تساعد بشكل أكبر في التشخيص.
ونظرًا لأن الدراسة كانت محدودة، فمن المحتمل وجود أنواع أخرى من التوحد لم تُكتشف بعد. وقالت ناتالي ساوروالد، المشاركة في البحث، لمجلة ساينتفك أمريكان: “معرفة نوع التوحد لدى الطفل تساعد العائلات على فهم حالتهم بشكل أوضح والحصول على رعاية ودعم يناسبهم”.