"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

"ضربة ميكيافيل" و" الحزب الكربلائي"

رئيس التحرير: فارس خشّان
السبت، 13 ديسمبر 2025

لن تتمكن السلطة اللبنانية مدعومة من رئيس مجلس النواب نبيه بري من تجنيب “حزب الله” حربًا جديدة، فإسرائيل تستفيد من عجز الدولة اللبنانية على فرض إرادتها على الحزب، من أجل بناء مشروعية تمكنها من توجيه ما تعتبره ضربة قاضية للحزب، عملًا بمبدأ ميكيافيل الشهير: يجب أن تسحق عدوك كليًّا، لأن تركه حيًّا يمنحه فرصة للانتقام والانقضاض عليك!

وبالفعل، فإنّ التمهيدات الإسرائيلية واضحة للعيان، فمسؤولوها وسياسيّوها ومخابراتها ومركز أبحاثها ووسائل إعلامها، لا يكفون عن ضخ المعلومات عن سعي “حزب الله” إلى إعادة إحياء نفسه عسكريّا وأمنيّا وماليا وتحضير نفسه لشن عمليات انتقامية، بعدما أوجد معابر تهريب وتبييض جديدة، وسط إصرار على تشييع معطيات تنال من قدرة الجيش اللبناني على نزع سلاح الحزب، لأسباب تتراوح بين انعدام الرغبة واختراقات في صفوفه!

وعلى الرغم من تعيين السفير سيمون كرم لترؤس الوفد اللبناني المفاوض من ضمن لجنة الميكانيزم، إلّا أنّ إسرائيل، ومن موقع التفوّق العسكري والميداني والدبلوماسي، تصر على أنّ التقدم يبدأ بأن تتحكم الدولة اللبنانية بزمام سلطتها، إذ إنّها، وحيال استمرار قوة ” حزب الله”، لن تستطيع تنفيذ تعهداتها، في أي اتفاق يتم التوصل إليه!

وتصر إسرائيل على أن تنجح الدولة اللبنانية في حصر السلاح بيدها، قبل حلول نهاية هذا العام، وفق التعهدات التي كانت قد أطلقتها حكومتها في الخامس من آب/ أغسطس الماضي، وفي حال فشلت، فإنه الجيش الإسرائيلي أكمل خططه واستعداداته لإنجاز ذلك بنفسه، وحينها قد يصبح للتفاوض مع السلطة اللبنانية قيمة.

وإصرار إسرائيل على أن تحصر الدولة السلاح بيدها، كشرط لتقدم المفاوضات، غير واقعي، وهو تمهيد أكيد لعملية عسكرية واسعة، فالسلطة اللبنانية التي تريد حصر السلاح بالتراضي، تواجه “حزب الله” الذي يفضل الموت في أرض المعركة- وهذا ما سمّاه بالحرب الكربلائية- على تسليم سلاحه بالتراضي، وهو من هذا الموقع يضع شروطًا على الدولة اللبنانية ليوافق على أن تتقدم، ولو خطوة واحدة، في المفاوضات، إذ المطلوب، بادي ذي بدء، أن تنسحب إسرائيل من لبنان وتطلق سراح أسراه لديها، وتوقف كليا عملياتها العسكرية في لبنان!

إذًا، تذهب إسرائيل إلى جلسات الميكانيزم ” المدنية” المقررة انطلاقتها المتجددة، في التاسع عشر من كانون أول/ ديسمبر الجاري، وهي تضع في جعبتها، ليس الموافقة الأميركية الواضحة على التفاوض تحت النار المستمرة فحسب، بل الخطط الحربية ايضًا.

وفي حديث لقناة ” الجزيرة”، أكد وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي المتداول من معلومات، إذ أكد تلقي لبنان تحذيرات عربية ودولية تفيد بأنّ إسرائيل تحضر لعملية عسكرية واسعة.

وسوف تستغل إسرائيل عجز السلطة اللبنانية عن تنفيذ تعهداتها، لتنال في مقابل ما ستبديه من إيجابيات في ملفات أخرى وأهمها الضفة الغربية، الضوء الأخضر الأميركي، لشن عملية عسكرية واسعة تشمل الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت، في اللقاء الذي سوف يجمع قبل آخر السنة كلًّا من رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب، في البيت الأبيض في واشنطن.

ولن يجد لبنان آذانا صاغية، وهو الذي عجز مسؤولوه على الرغم من الدفع الإيجابي الذي قوبل به انتخابهم أو تعيينهم من الوصول إلى البيت الأبيض حتى تاريخه، لا بل أصيبت علاقة قيادة الجيش بسبب التردد في تنفيذ تعهدات قطعها هؤلاء المسؤولون، لأول مرة بنكسة خطرة، بحيث ألغيت مواعيد قائد الجيش العماد رودولف هيكل في واشنطن وتمّ، في ميزانية الدفاع الوطني الأميركية، إخضاع أداء الجيش تجاه “حزب الله” والتنظيمات الإرهابية، لرقابة لصيقة من البنتاغون ومن تدقيق نصف سنوي من الكونغرس الأميركي نفسه. وهذا يعني أن الدعم المفتوح للمؤسسة العسكرية تحوّل فجأة إلى دعم مشروط!

وهذا كله يعني أنّ الحرب آتية، إلّا إذا ارتأى “حزب الله” قبل فوات الأوان، تسليم سلاحه للدولة الطامحة إلى تجنيبه “كأس ميكيافيل”!

المقال السابق
وفاة النائب المستقل غسان سكاف
رئيس التحرير: فارس خشّان

رئيس التحرير: فارس خشّان

مقالات ذات صلة

صنّاع…الحسرة!

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية