في ساعة مبكرة من صباح الأربعاء، أعلنت قيادة العمليات في القوات المسلحة البولندية أنها استخدمت أسلحة لإسقاط طائرات مسيّرة روسية اخترقت المجال الجوي للبلاد “بشكل متكرر”، وذلك خلال هجوم واسع شنته روسيا على أهداف داخل الأراضي الأوكرانية. الحدث، الذي تزامن مع إغلاق أربعة مطارات بولندية بينها مطار شوبان الدولي في وارسو، يطرح تساؤلات عميقة حول طبيعة التصعيد الروسي، وحدود الردع الأطلسي، واحتمالات توسع رقعة النزاع.
في بيان رسمي نُشر على منصة “إكس”، أكدت القوات البولندية أن الطائرات المسيّرة الروسية دخلت المجال الجوي البولندي أثناء الهجوم على أوكرانيا، ما دفعها إلى استخدام أسلحة دفاعية لإسقاطها. وأوضحت أن العمليات لا تزال جارية لتحديد مواقع سقوط الأهداف، وسط حالة تأهب قصوى شملت نشر أنظمة دفاع جوي ورادارات استطلاع، وتحليق طائرات بولندية وحليفة في الأجواء.
إدارة الطيران الاتحادية الأميركية أعلنت إغلاق أربعة مطارات بولندية، بينها مطار غيشوف-ياشونكا الحيوي لنقل المساعدات العسكرية إلى أوكرانيا، ما يعكس حجم القلق الأمني من تداعيات الحادث.
بولندا، العضو في حلف شمال الأطلسي، تُعد من أكثر الدول دعماً لأوكرانيا منذ اندلاع الحرب. اختراق المجال الجوي البولندي بطائرات روسية مسيّرة، حتى لو كان غير مقصود، يُنظر إليه كاختبار مباشر لقدرة الناتو على الردع، خاصة في ظل تكرار الحوادث الحدودية في الأشهر الأخيرة.
الضربة الروسية جاءت ضمن موجة هجمات مكثفة على البنية التحتية الأوكرانية، لكن دخول المسيّرات إلى بولندا يثير تساؤلات حول ما إذا كانت موسكو تسعى لتوسيع نطاق الضغط على الدول الداعمة لكييف، أو أنها تلوّح بإمكانية نقل المعركة إلى أطراف الناتو دون إعلان حرب مباشرة.
إغلاق مطارات رئيسية في بولندا، بعضها يُستخدم لنقل الأسلحة والمساعدات إلى أوكرانيا، يشير إلى أن الهجوم قد يكون له بعد لوجستي، يهدف إلى تعطيل خطوط الإمداد الحيوية. كما أن استهداف مدينة زاموشتش، وفق تحذير سابق من القوات الجوية الأوكرانية، يحمل رمزية جغرافية باعتبارها قريبة من الحدود الساخنة.
ذكرت شبكة CNN أن وزير الخارجية الأميركي تم إطلاعه على تقارير تفيد بتحليق طائرات روسية فوق بولندا، ما يعكس حساسية الموقف داخل أروقة القرار في واشنطن. الرسالة الروسية قد تكون مزدوجة: تحذير من استمرار الدعم الغربي لأوكرانيا، وتأكيد على قدرة موسكو على المناورة حتى داخل المجال الجوي لحلفاء الناتو.
في ظل هذا التصعيد، يبقى السؤال مفتوحًا: هل سترد بولندا أو الناتو بشكل مباشر؟ أم أن الحادث سيُعالج دبلوماسيًا باعتباره “اختراقًا غير مقصود”؟ في كل الأحوال، يبدو أن الحرب في أوكرانيا لم تعد محصورة داخل حدودها، بل باتت تلامس عتبات التحالفات الكبرى، وتختبر صبرها وقدرتها على الاحتواء.