يستعد اللبناني جورج إبراهيم عبدالله لمغادرة سجنه الفرنسي بعد أن قضى أكثر نت أربعين عامًا خلف القضبان.
وأصدرت محكمة الاستئناف في 17 تموز/يوليو قرار الإفراج عن الناشط البالغ 74 عاماً. وبعدما بقي خلف القضبان مدة تُعدّ من الأطول في فرنسا، من المقرر أن يغادر عبد الله سجن لانميزان (جنوب غرب) الجمعة ويعود إلى لبنان.
ويقع السجن على بُعد كيلومترات من قمم جبال البيرينه حيث ينزل 140 سجيناً من ذوي الأحكام المديدة.
وأوقف عبد الله في العام 1984، ودانه القضاء الفرنسي في 1987 في قضية اغتيال ديبلوماسي إسرائيلي وآخر أميركي في باريس. وتنقّل عبد الله خلال العقود الماضية بين مراكز احتجاز عدة في سان مور ومولان في وسط البلاد، وكليرفو في شرقها، قبل أن يودع الزنزانة الرقم 221 التي وضعت عندها لافتة بخط اليد كتب فيها “عبد الله”.
في هذه الزنزانة الواقعة في المبنى “أ”، زارت النائبة عن حزب فرنسا الأبية أندريه تورينا عبد الله يوم إصدار القضاء قرار الافراج عنها، ورافقها فريق من وكالة “فرانس برس”.
رفاق غابوا استقبل عبد الله الذي ارتدى قميصاً قطنيّاً أحمر وسروالا قصيراً، النائبة الفرنسية بالعناق والابتسامات والتقاط “سيلفي”.
لم تتبدّل ملامح الناشط الشيوعي المناهض للامبريالية عن الصور المعروفة الملتقطة له قبل عقود. صحيح أن الشيب غزا الشعر الكث الأسود واللحية الطويلة.
يجلس عبد الله محاطاً ببطاقات بريدية أرسلها محبون ومنارون، وتغطي الصحف الورقية معظم المساحة الفاصلة بين السرير والمكتب في الزنزانة التي تضم زاوية تستخدم لإعداد الطعام.
وقال عبد الله: “أربعة عقود هي فترة طويلة لكن لا تشعر بها متى كانت هناك دينامية للنضال”، مقرّاً بأنّ ما يزيد ذلك صعوبة هم “الرفاق الذين رحلوا”.
جورج عبدالله داخل زنزانته (أ ف ب).
وأضاف: “لدي على جهاز الكومبيوتر تقويم أرى عليه جدول كل يوم بيومه: (ذكرى) الرفاق الذين رحلوا باللون البني، اللون البرتقالي مخصص للزيارات، الأخضر لأعياد الميلاد”، مشيراً إلى أنّ “اللون البني يصبح أكثر انتظاماً”.
ورغم ذلك، يرى عبد الله أنه كان “مدلّلاً” في السجون الفرنسية مقارنة بما “يجري في غزة أو الضفة الغربية المحتلة، خصوصاً الرفاق المسجونين”.
حُكم على عبد الله بالسجن مدى الحياة بتهمة الضلوع في اغتيال ديبلوماسي أميركي وآخر إسرائيلي عام 1982. وبات مؤهّلاً للإفراج المشروط منذ 25 عاماً، لكن 12 طلباً لإطلاق سراحه رُفضت كلها.
لم يُقرّ عبد الله بضلوعه في العمليتَين اللتَين صنّفهما في خانة أعمال “المقاومة” ضد “القمع الإسرائيلي والأميركي” في سياق الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990) والغزو الإسرائيلي لجنوب لبنان.
خلف القضبان، يعتبر عبد الله نفسه “مناضلاً… في ظروف خاصة”. أما خارجها، فأكد أنّه يريد أن يبقى ناشطاً “في ظل مختلفة”، مشدّداً على أنه لا يرى في الافراج عنه “تغييراً جذريّاً في وجهات النظر النضالية”.
وشدّد على أن “فلسطين تبقى ال رافعة التاريخية للثورة في العالم العربي”.
وقال بعد تبلغه نبأ قرب الافراج عنه “إذا كنت أقف أمامكم اليوم، فذلك لأنني أناضل”، متابعاً “أربعون عاماً تفسد الذهن، يجب ألّا ننسى أنّ السجن هو سجن”.