"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

الغربة الفلسطينية الجديدة.. ‏وذكرى الخروج من بيروت 1982

ساطع نور الدين
الأحد، 5 أكتوبر 2025

 الغربة الفلسطينية الجديدة.. ‏وذكرى الخروج من بيروت 1982

‏هي بداية النهاية لحرب ما كان يجب أن تندلع على هذا النحو الهمجي، وما كان يجب ان تكون حرباً على المدنيين، أكثر مما كانت قتالاً بين محاربين، وما كان يجوز المماطلة في انهائها لمدة عامين كاملين، تحولت خلالهما الى حملة إبادة جماعية لم يسبق لها مثيل في التاريخ الإنساني الحديث.

‏لكنه الآن كلام عبثي، عن صراع كان الابرياء الفلسطينيون أكثر ضحاياه، لتعذر قدرتهم على بناء جيش تقليدي او الاعتماد على جيش او جيوش تقليدية تحميهم من حملات التصفية الإسرائيلية التي لم تتوقف يوما، وربما لن تتوقف غدا، عندما يواجهون مرة أخرى خطر ان يعيد التاريخ نفسه مرة أخرى، ويكون قطاع غزة على موعد جديد مع سيناريو بيروت العام 1982، مع بعض التعديلات الطفيفة التي تعلّق الإبادة ولا تنهيها.. بحيث يمكن ان يصبح الآتي أسوأ مما كان.

‏لعله من المبكر القفز الى “اليوم التالي” الذي يبدو أن اتفاق وقف الحرب، لم يقاربه بعد، بل تركه غامضاً لكي يقيس المدى الزمني الذي يمكن ان يأخذه الشعب الفلسطيني لكي ينهض كما في كل مرة من تحت الرماد، وبعلن مجددا ان ما بقي من وجوده هو سلاحه الأوحد، والأقوى ..الذي اضيف اليه سلاح فعال جديد، هو التعاطف الغربي الواسع الذي يمكن، إذا ما جرى تطويره من موقفٍ إنسانيٍ راقٍ الى خيارٍ سياسيٍ مؤثر، أن يحمي الفلسطينيين فعلاً من الغدر الإسرائيلي المقبل، وأن يحول دون تكرار المأساة الراهنة التي تخطت عتبة ربع مليون شهيد وجريح ومفقود..

‏ولمثل هذا التعاطف الغربي دورٌ مؤثرٌ في تحديد الوجهة الفلسطينية المقبلة، بعد تجريد قطاع غزة من السلاح ومن المسلحين، وما إذا كان وجود الفلسطيني يكفي هذه المرة، كما في المرات السابقة الذي جرد من أسلحته، لكي يحصل على بعض حقوقه الإنسانية والسياسية، التي يمكن أن يجسدها حل الدولتين المستعاد أخيراً، بقوة الاخلاق لا بقوة السياسة.

‏أسئلة المستقبل الفلسطيني، لم تطرح بعد. ولن يكون من السهل القول ان حركة “حماس” ستتمكن من البقاء على قيد الحياة السياسية مثلها مثل تنظيمات فلسطينية سبق أن خسرت السلاح.. لاسيما بعدما فقدت منصتها القطرية، المحجوبة بقرار إسرائيلي صريح، وبعدما ضاع عمقها الإيراني المنهمك الان بوقف الاختراقات الإسرائيلية التي كادت بالفعل ان تؤدي الى الإطاحة بالنظام في طهران.

‏“اليوم التالي” لا يلوح في الافق. والمقارنة مع الحالة الفلسطينية في اعقاب الغزو الإسرائيلي لبيروت 1982، لا تؤدي إلا الى التكهن باستمرار الإبادة ولو بإشكال جديدة، بينها الاغتيالات والتصفيات والصراعات الداخلية الفلسطينية، وصولا الى التهجير الذي لن يكون في هذه الحالة منبوذاً او محرماً، بل قد يصبح نتيجة طبيعية لواحدة من أبشع الحملات العسكرية على الشعب الفلسطيني.. التي لا تدع مجالاً للتأمل في خدعة مشروع “ريفييرا” الأميركي لقطاع غزة، الذي ستثبت الأيام المقبلة انه قائم على وهمٍ ورياء ولا شأن له بالمستقبل الفلسطيني الإنساني والسياسي.

‏كانت الإبادة الجماعية خياراً إسرائيلياً-اميركياً حقيقياً عطلته حملة التعاطف الغربي مع الشعب الفلسطيني، ولو الى حين، لأن الأصل ان الحرب كانت رداً على فراغٍ فلسطينيٍ مددته الحرب نفسها، ولن يكون معنياً في سدّه.. لا بحل الدولتين الذي لن يبقى له أثر عندما يشرع الإسرائيليون والأميركيون في انتاج مشروع فلسطيني جديد، مختلف عن كل ما سبقه من تجارب فلسطينية حالمة طوال الأعوام المئة الماضية.

‏الرماد الفلسطيني الذي يغطي الان قطاع غزة ومعظم الضفة الغربية، لا يمكن ان يؤسس وطناً، ولا أن يقيم دولة..وهذه المرة ستكون الغربة الفلسطينية أطول من أي وقت مضى، منذ الخروج من بيروت العام 1982.

المقال السابق
هذا ما يجب ان نعرفه عن الانتخابات التشريعية في سوريا

ساطع نور الدين

مقالات ذات صلة

"جيروزاليم بوست": حزب الله ينهار... وشيعة لبنان يدفعون ثمن أطول حروب إسرائيل

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية