أكد البابا ليون الرابع عشر، خلال لقائه أساقفة لبنان والكهنة والعاملين في الرعاية، أن المسيحيين قادرون على الثبات في الرجاء «حتى وسط دوي السلاح»، داعيًا إلى الاقتداء بالعذراء مريم كنموذج للإيمان في الأوقات المظلمة والمضطربة. وفي اليوم الثاني من زيارته الرسولية، وخلال اللقاء في مزار سيدة لبنان – حريصا، شدّد البابا على أن مريم تعلّم المؤمنين كيف يثابرون عندما تصبح الحياة اليومية صعبة، قائلاً: «عند أقدام الصليب، مع مريم، تصبح الصلاة جسرًا غير منظور يوحّد القلوب ويمنحنا القوة للاستمرار في الرجاء والعمل».
واستعاد البابا كلمات القديس يوحنا بولس الثاني للبنانيين: «في لبنان اليوم، أنتم المسؤولون عن الرجاء»، وحثّ المؤمنين على تعزيز مناخ الأخوّة والثقة المتبادلة، حتى «تنتصر قوة الغفران والرحمة»، مشيرًا إلى أن ثمار هذه الرسالة تتجلى في صمود لبنان.
وشبّه البابا الإيمان بمرساة تثبت وسط العواصف، قائلاً: «إيماننا هو مرساة في السماء، تمسّكوا بالحبل». وأضاف أن السلام يتطلب «محبة بلا خوف وعطاء بلا حدود»، مقتبسًا من البابا بندكتس السادس عشر دعوته للاحتفال بـ«انتصار المحبة على الكراهية… والغفران على الانتقام».
رمزية المزار وتكريم العذراء
خلال الاحتفال الذي تخللته صلوات وشهادات وأناشيد بالعربية وتلاوة الإنجيل (يوحنا 19: 25–27)، قدّم البابا الوردة الذهبية للعذراء مريم، وهي هدية بابوية تقليدية لأهم المزارات المريمية، ترمز إلى محبة البابا وتكريمه لأم الله.
كما أشار في كلمته الى ما سمعه في اللقاء من شهادات حيّة من الواقع اللبناني: الأب يوحنا تحدّث عن بلدة دبّابية حيث يعيش المسيحيون والمسلمون واللاجئون في ثقة متبادلة، ولورين العاملة المهاجرة دعت إلى استقبال المهجّرين بقولها: «أهلاً بكم في بيتكم»، فيما روت الأخت ديما كيف أبقت المدرسة مفتوحة وسط العنف، لتعلّم الأطفال مشاركة «الخبز والخوف والرجاء». المزار رمز وحدة اللبنانيين
يقع مزار سيدة لبنان على ارتفاع نح و 650 مترًا فوق سطح البحر، ويطل على خليج جونية، ويضم تمثالًا برونزيًا أبيض للعذراء بارتفاع 8.5 أمتار، موضوعًا على قاعدة حجرية بارتفاع 20 مترًا، فيما تستوعب البازيليك المجاورة نحو 3,500 شخص، وقد صُممت لتستحضر شكل شجرة الأرز وسفينة فينيقية.
البعد المسكوني للزيارة
وفي وقت لاحق، كان البابا ليون الرابع عشر سيستقبل في السفارة البابوية مجلس بطاركة الكنائس الكاثوليكية الشرقية، بمشاركة الكاردينال بيترو بارولين أمين سر دولة الفاتيكان، والكاردينال كلاوديو غوغيروتي، على أن يتناول الغداء معهم ومع بطاركة الكنائس الأرثوذكسية، في خطوة تؤكد الطابع المسكوني للزيارة.