تشهد تركيا حدثًا تاريخيًا مع زيارة البابا ليون الرابع عشر، حيث تعود الأنظار إلى مدينة نيقية (إزنيق حاليًا) التي احتضنت قبل أكثر من 17 قرنًا أول مجمع مسكوني في تاريخ الكنيسة المسيحية، المعروف بـ مجمع نيقية.
مجمع نيقية: نقطة تحول في تاريخ المسيحية
انعقد مجمع نيقية عام 325 ميلادية بدعوة من الإمبراطور الروماني قسطنطين الكبير بهدف توحيد العقيدة المسيحية بعد أن أصبحت المسيحية دينًا معترفًا به في الإمبراطورية. كان الخلاف اللاهوتي حول طبيعة المسيح السبب الرئيسي لانعقاد المجمع، حيث انقسمت الآراء بين:
آريوس الذي اعتبر المسيح مخلوقًا وليس مساويًا لله في الجوهر. أثناسيوس الذي أكد أن المسيح إله كامل من نفس جوهر الآب. المجمع أقرّ إدانة بدعة آريوس، وحدد موعدًا موحدًا لعيد القيامة، وأصدر نحو 20 قانونًا لتنظيم شؤون الكنيسة.
قانون الإيمان النيقاوي: حجر الزاوية في العقيدة المسيحية
أبرز إنجازات المجمع كان صياغة قانون الإيمان النيقاوي، الذي أصبح المرجع الرسمي للإيمان المسيحي. ينص القانون على:
الإيمان بالله الآب خالق كل شيء. الإيمان بيسوع المسيح ابن الله الوحيد، «إله من إله، نور من نور، إله حق من إله حق، مولود غير مخلوق، مساوٍ للآب في الجوهر»، وتجسده وصلبه وقيامته. الإيمان بالروح القدس، والكنيسة الواحدة الجامعة المقدسة الرسولية، والمعمودية لمغفرة الخطايا، وانتظار القيامة والحياة الأبدية. هذا القانون، الذي أُكمل في مجمع القسطنطينية عام 381م، لا يزال يُتلى في معظم الطوائف المسيحية حتى اليوم، ويُعد بطاقة هوية الإيمان المسيحي.
أهمية الزيارة اليوم
زيارة البابا ليون الرابع عشر إلى تركيا ليست مجرد حدث بروتوكولي، بل هي استحضار لإرث تاريخي شكّل ملامح المسيحية عبر القرون. إنها فرصة للتأكيد على وحدة الإيمان رغم اختلاف الطوائف، ولتعزيز الحوار بين الكنائس في زمن تتزايد فيه الحاجة إلى التفاهم والتقارب.
