لم تكن نهاية الامتحانات الرسمية لهذا العام أفضل حالاً من بدايتها، بل حملت معها واحدة من أكبر الفضائح التربوية، مع تسريب واضح للمسابقات وتخبط إداري في التوزيع والطباعة، ما أدى إلى ارتباك غير مسبوق في مراكز الامتحانات. وبين غياب التنسيق وتبادل المواد بشكل عشوائي، وفضيحة إرسال المسابقات عبر واتساب، باتت مصداقية الامتحانات على المحك مجددًا، وسط دعوات لمحاسبة حقيقية لا تقتصر على كبش فداء.
ما جرى في اليوم الأخير من الامتحانات شكّل فضيحة تهزّ نزاهة وشفافية الاستحقاق الرسمي، تحديدًا في ما يتعلق بمادتي علوم الحياة والكيمياء. فبينما كان من المفترض توزيع مسابقة علوم الحياة على طلاب فرع الاجتماع والاقتصاد كأول مادة في ذلك اليوم، برزت مشكلات تنظيمية داخل وزارة التربية خلال مراحل طباعة المسابقات وتوضيبها، أدّت إلى خلل في التوزيع شمل عدداً من المراكز.
ووفق المدن تبين أن صناديق المسابقات التي ترسل إلى محافظة الشمال ونحو عشرة مراكز أخرى في جبل لبنان لفرع اقتصاد واجتماع لم تتضمن مسابقة علوم الحياة. وكانت النتيجة أن وصلت المسابقة إلى كل المراكز في موعدها المحدد فيما تأخر وصولها لأكثر من ساعة في المراكز. لذا لجأت الوزارة إلى قرار توزيع مادة الكيمياء في هذه المراكز بذريعة عدم إضاعة الوقت على الطلاب.
وقالت مصادر مطلعةللمدن إن “الوزارة إرتأت أن الطلاب جميعهم في الصفوف، ومنعوا من الخروج منها، فهذا يضمن عدم حصلوهم على مسابقة علوم الحياة التي تسربت بكل الأحوال على مجموعات التواصل”.
تسريب المسابقات وتضيف المصادر أن الإشكاليات كانت كثيرة، ولم تقتصر على مشاكل الطباعة والتوضيب، بل في مراكز حيث يمتحن الطلاب باللغة الفرنسية وصلتهم المسابقات باللغة الإنكليزية والعكس صحيح.
وكشفت المصادر أن المسابقات أرسلت عبر منصة واتساب إلى رؤساء مراكز لطباعتها في المركز. وهذا الأمر يشكل فضيحة تضاف إلى فضائح الطباعة والتوضيب. وفي بعض المراكز تبين أنه لا يوجد طابعات لطباعة المسابقات، ما دفع المسؤولين عن المراكز إلى طباعة المسابقة في مراكز أخرى. ما يعني انتشار المسابقات في كل لبنان.
ووفق المصادر، عادة يتم تسريب المسابقات عبر منصات واتساب لحظة تسلمها في مراكز الامتحانات. وهذا أمر معهود لكن ذاك أن هذا التسريب لا يشكل خطراً على وصول حلول المسابقات للطلاب المتواجدين في الصفوف. وعلى سبيل المثال وصلت مسابقة الفلسفة لفرعي علوم عامة علوم حياة صباح اليوم على مجموعات الواتساب بعد أقل من خمسة دقائق على توزيعها في مراكز الامتحانات. وهذا الأمر لا يشكل أي خطر طالما أن الطلاب كانوا يجرون الامتحان. لكن بما يتعلق بمواد علوم الحياة والكيمياء فالأمر يضرب نزاهة وشفافية الامتحان. ففي مراكز جرى امتحان الطلاب بمادة الكيمياء فيما في مراكز أخرى كانوا يجرون مسابقة علوم الحياة، والعكس صحيح.
التفتيش التربوي يحقق بالملابسات
العام المنصرم حصل أمر مشابه في مادة الكيمياء. حصلت حينها إشكاليات خلال طباعة المسابقة وتوضيبها تمهيداً لإرسالها إلى مراكز الامتحانات. وتبين أن فريق العمل القيم على التصوير ارتكب أخطاء في كيفية طباعة المسابقة لناحية إخراج الصفحات، وكانت النتيجة وصول المسابقات إلى مراكز وبدء امتحان الطلاب وتأخر المسابقات لأكثر من ساعة في مراكز أخرى. وكانت المسبقات معممة على وسائل التواصل الاجتماعي. وكانت النتيجة أنه جرى تحميل مقرر لجنة الكيمياء المسؤولية، وتم إعفاءه من منصبه هذا العام قبل يومين من الامتحانات، بذريعة صدور توصية عن التفتيش التربوي. ورغم أنه لا مسؤولية مباشرة للجنة المادة ومقررها بطباعة المسابقات، لأنها شأن إداري مسؤول عنه رئيس دائرة الامتحانات، اختير مقرر المادة ككبش فداء. ولم يتم تغيير رئيس دائرة الامتحانات المسؤول المباشر عن كل مجريات الامتحانات. وعاد وتكرر الخطأ عينه الذي حصل العام المنصرم، لكن بمادة علوم الحياة لا الكيمياء.
وقد وصلت أصداء هذه الفضيحة إلى التفتيش التربوي، الذي وزع مفتشيه في مراكز الامتحانات. ورصد المفتشون عدد كبير من المخالفات السابقة الذكر. هذا فضلاً عن مخالفات حصلت في الأيام السابقة أدى بعضها إلى اتخاذ قرارات فورية كانت نتيجتها عزل مسؤول أحد المراكز في منطقة برجا وفي طرابلس، نتيجة الفوضى والغش. ومن الملاحظات التي سجلها التفتيش تعيين رؤساء مراكز من سكان المنطقة في مناطق معينة، مقابل تعيين رؤساء مراكز من مناطق مختلفة عن أماكن السكن، وهذا الأمر يضرب شفافية الامتحانات نتيجة تعرض رؤساء المراكز لضغوط من أبناء وزعماء مناطقهم. إلى ذلك يحقق التفتيش في معلومات وردت عن تسريب لمسابقات جرت في الأيام السابقة، سيضمنها في التقرير الذي سيصدر عنه لاحقاً حول مجريات الامتحانات الرسمية.