أحدث نكات الشيخ نعيم…الاستراتيجية!
طالب الشيخ نعيم قاسم الحكومة اللبنانية بأن تدرج على جدول أعمالها دراسة خطة لدعم الجيش اللبناني كي يتمكن من التصدي للعدوان الإسرائيلي، وأن تضع برنامجاً زمنياً لتحقيق هذا الهدف في جنوب لبنان.
طلب يبدو في ظاهره كأنه مشروع وطني كبير، لكنّ الواقع يفضحه بلا رحمة.
لبنان الذي لا يستطيع ترقيع حفر الطرقات إلا بقروض البنك الدولي، ولا يملك المال لدفع رواتب قواته المسلحة لولا المساعدات الخارجية، يطلب منه الامين العام لحزب الله، اليوم أن يضع خطة لمواجهة جيش هو من بين الأقوى في المنطقة!
الحكومة التي عجزت عن وضع خطة تعيد الثقة بالنظام المصرفي، هل يمكنها أن تضع جدولًا زمنيًا لتسليح جيشها بما يوازي الفارق الاستراتيجي مع إسرائيل؟ فارق يحتاج إلى خمسين سنة من جمود في تل أبيب وإنفاق هائل في بيروت حتى يُردم. حتى لو بدأنا اليوم، ربما نصل إلى منتصف الطريق عندما تصبح الطائرات المسيّرة في إسرائيل مجرد تحف في المتاحف.
في وقت يحتاج فيه لبنان إلى تحرير عاجل من أزماته وتسوية توقف الانهيار، يطلّ علينا خطاب يطلب ما يحتاج إلى دهر، في حال التوفيق. كأننا أمام وصفة سحرية: «أعطونا خطة، ننتصر على إسرائيل».
المشكلة أن الخطة الوحيدة التي نجحت حتى الآن هي خطة الهجرة الجماعية، أما البقية فمعلقة على حبال الأماني.
والأطرف أنّ الحديث عن برنامج زمني لتحقيق هذا الهدف في الجنوب يأتي في لحظة انهيار شامل: اقتصاد يترنح، نظام مصرفي فقد الثقة، دولة بلا قدرة على دفع رواتب موظفيها إلا عبر مساعدات خارجية. فهل نبدأ من شراء الذخيرة أم من شراء الكهرباء لتشغيل الثكنات؟
لبنان لا يحتاج إلى خطط عسكرية خيالية، بل إلى خطة واقعية لتحريره من أزماته البنيوية. قبل أن نحلم بجيش قادر على مواجهة إسرائيل، علينا أن نحلم أولًا بدولة قادرة على مواجهة عجزها المالي، وانهيارها الاقتصادي، وفقدانها للثقة. أما ما يطالب به الشيخ قاسم، فهو مشروع يحتاج إلى دهر، في حال التوفيق، بينما لبنان يحتاج إلى إنقاذ عاجل قبل أن يصبح الحديث عن «البرنامج الزمني» مجرد نكتة في أرشيف الأزمات.
