آمال شعيا، الكفيفة الحائزة على دكتوراه في اللغة العربية وآدابها، تخوض معركة مزدوجة انطلاقًا من بلدة دقّون في قضاء عاليه. فهي لا تواجه فقط الإقصاء والتهميش الذي يعانيه ذوو الإعاقة، بل تستعد أيضًا لمواجهة طعن محتمل أمام المجلس الدستوري في حال فوزها في الانتخابات البلدية، إذ يروّج خصومها تساؤلات تمس أهليتها الوظيفية مثل: “كيف لكفيفة أن تقرأ وتوقّع المعاملات؟”
لكن آمال، الناشطة والصحافية والأديبة، اختارت المواجهة لا انطلاقًا من كونها امرأة فحسب، بل لأن فقدانها للبصر لم يمنعها يومًا من خوض معاركها عبر الكلمة والكتابة، وهي اليوم تنقل هذه المعركة إلى ساحة العمل البلدي. ترشيحها يأتي ضمن موجة تصاعدية لنساء من ذوي الإعاقة قرّرن عدم الاكتفاء بالمراقبة وخضن الشأن العام رغم المعوقات المجتمعية والقانونية. وتقول آمال: “نحن أصحاب الإرادة الصلبة، وإذا لم نناضل من أجل حقوقنا، فلن نحصل عليها.”
ترشحت آمال ضمن لائحة شبابية تضم 9 أسماء، مؤكدة أنها ستكون “الصوت والبرنامج” لمن لا صوت لهم، وتسعى لإثبات أن الإعاقة ليست عجزًا، بل طاقة إضافية تُوظف في خدمة المجتمع. رؤيتها تتضمن مشاريع إنمائية تركّز على فئة الشباب، وتفعيل العمل البلدي م ن خلال الأندية والنشاطات المختلفة.
ورغم دعم تلقته من “القوات اللبنانية”، إلا أن آمال ترفض حصر نفسها في إطار حزبي، مشيرة إلى أن رهانها الحقيقي يقوم على دعم عائلتها، وحركة “fifty fifty”، و”روح والدتها التي تبارك خطاها”، كما قالت.
آمال لم تولد كفيفة، بل فقدت بصرها في سن المراهقة، ما شكّل منعطفًا في حياتها صقل عزيمتها ودفعها إلى تحدي الصعاب. ترى في دخولها العمل البلدي قيمة مضافة، مستندة إلى خلفيتها الثقافية والاجتماعية ومشروع إنمائي واضح المعالم.
وفي رؤيتها لمجلس بلدي أكثر عدلاً وشمولاً، تؤكد آمال أنه لا وجود لعدالة مطلقة، لكن الإرادة الصلبة والعزيمة قادرتان على سدّ الثغرات، مشددة على أهمية التعاون مع وزارة الداخلية للعمل على قوانين تُشرّع الباب أمام تمثيل حقيقي لذوي الإعاقة في المجالس البلدية، وتحقيق الدمج الكامل، وتحسين نوعية الحياة، ومكافحة التمييز القائم على الإعاقة أو الجنس.
(المدن بتصرّف)