كشف حاكم مصرف سورية المركزي، عبد القادر الحصرية، اليوم الثلاثاء، أن البنوك السورية تواجه على الأقل “1.6 مليار دولار” من الانكشاف المالي على القطاع المصرفي اللبناني، تشمل التزامات قائمة وودائع أُفراد وشركات سورية مجمّدة لدى المصارف اللبنانية.
وقال الحصرية لـ وكالة “رويترز”، إنّ هذا الانكشاف يُعد من أبرز أسباب نقص السيولة في البنوك المصرفية المحليّة، ما ساهم في تراجع ثقة المواطنين بالبنوك السورية.
والانكشاف المالي، مصطلح اقتصادي يُستخدم عندما تكون جهة مالية (بنك أو شركة أو دولة) معرّضة لخطر خسارة أموالها أو أصولها نتيجة تعاملاتها مع جهة أخرى، وهذا يعني أنّ البنوك السورية لديها أموال أو التزامات مالية في لبنان قد لا تستطيع استعادتها بسبب الأزمة هناك.
وأوضح الحصرية، أنّ التعميم الذي أصدره مصرف سوريا، في 22 أيلول الفائت، ألزم البنوك التجارية العاملة في البلاد بالاعتراف الكامل بنسبة 100% بتعرّضها المالي للنظام المصرفي اللبناني، بعد أن كانت تلك البنوك قد أودعت مبالغ كبيرة لدى مصارف لبنانية، خلال سنوات الحرب، في محاولة للحفاظ على انسيابية تعاملاتها الدولية.
وبحسب بيانات المصرف المركزي وتقارير مالية للبنوك المحلية لعام 2024، فإنّ قيمة الانكشاف البالغة 1.6 مليار دولار تمثل جزءاً كبيراً من إجمالي ودائع القطاع المصرفي السوري المقدّرة بنحو 4.9 مليار دولار، ما يسلّط الضوء على حجم التأثير الذي خلّفته الأزمة المالية اللبنانية على الاقتصاد السوري.
مهلة ستة أشهر وخطط لإعادة الهيكلة
وفي خطوة تهدف إلى تعزيز الاستقرار المالي وضمان استدامة القطاع، وجّه المصرف المركزي البنوك العاملة في سوريا إلى تقديم خطة موثوقة لإعادة هيكلة أوضاعها، خلال 6 أشهر، مع إلزامها بالاعتراف الكامل بكامل “انكشافها على لبنان”.
كذلك، كشف الحصرية عن خطة طموحة لرفع عدد البنوك العاملة في السوق السورية إلى نحو 30 بنكاً، بحلول عام 2030، وذلك ضمن استراتيجية طويلة الأمد لتعزيز الشمول المالي وتطوير القطاع المصرفي.
“البنوك الأكثر تأثراً”
بحسب وكالة “رويترز”، فإنّ البنوك الأكثر تأثراً تشمل عدداً من المصارف ذات أصول لبنانية، مثل: “بنك الشرق، فرانس بنك، بيبلوس، بيمو السعودي الفرنسي”، التي كانت من أوائل المؤسسات الأجنبية التي حصلت على تراخيص للعمل في السوق السورية مطلع الألفية الجديدة.
وكشف مسؤولون مصرفيون لـ”رويترز”، أن بعض هذه البنوك بدأت بالفعل البحث عن مستثمرين جدد أو إبرام شراكات مع مؤسسات مالية عربية ودولية، بهدف تلبية متطلبات إعادة الهيكلة وتعزيز ملاءتها المالية، تماشياً مع توجيهات المصرف المركزي.
ورغم الترحيب بالخطوة من حيث سعيها لضمان استدامة القطاع المصرفي، فإن بعض المصرفيين المحليين اعتبروا أن “المهلة الممنوحة (ستة أشهر) تُعد قصيرة نسبياً”، وذلك بالنظر إلى عمق الأزمة المالية وصعوبة إعادة هيكلة ميزانيات البنوك، في ظل القيود المفروضة على التحويلات الخارجية.
تأتي هذه الخطوة ضمن جهود أوسع لتحديث القطاع المالي والمصرفي في سوريا، التي تشمل إدخال أنظمة دفع حديثة، وتطوير البنية التحتية المصرفية، وتعزيز الشفافية في التعاملات المالية. التلفزيون السوري