انضم الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط إلى رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، في الهجوم على شخصيات لبنانية يتهمونها بالتحريض لدى الولايات المتحدة ضد الدولة ومسؤوليها.
وذهب بري رافع راية المظلومية في هذه الأيّام، أبعد من ذلك، متحدثًا عن مساعٍ تهدف الى فرض عقوبات عليه شخصيًا.
قد يكون في هذا الكلام شيء من الصحة، فبعض الشخصيات اللبنانية التي تستمع إليها دوائر القرار في واشنطن لديها وجهات نظر لا تتوافق مع توجهات السلطة أو قدراتها، ولديها مآخذ على سلوكيات عدد من المسؤولين الذين يتمسكون بمناصبهم منذ عقود، كما هي عليه حال بري. لكن ما لم يقله هؤلاء المسؤولون أن هذا النوع من التحريض، إن حصل ، ليس جديدًا، بل هو شكوى متكررة منذ عقود، ولم يترك أثرًا حاسمًا على السياسات الأميركية.
واشنطن لا تبني قراراتها على ما تسمعه من هذا السياسي اللبناني أو ذاك، بل على مدى تطابق المعلومات مع الوقائع ومصالحها.
الأميركيون يدركون جيدًا حقيقة الوضع اللبناني عبر صلاتهم الوثيقة بالمسؤولين والجيش والأجهزة الأمنية، إضافة إلى ما توفره لهم شبكات المخابرات. لذلك، يبقى التحريض بلا قيمة إذا لم يستند إلى معطيات دقيقة، ولا يمكن أن يغيّر قرارًا أميركيًا.
من يحرض ضد بري، وباعترافه، يفعل ذلك منذ 13 عامًا، ومع ذلك لم تصدر عقوبات بحقه، ليس لأنه نموذج للنزاهة كما يحب أن يصف نفسه، بل لأن واشنطن تحتاج إلى التواصل مع شخصية شيعية وازنة. أما جنبلاط، فهو يشتكي اليوم مما يمارسه آخرون في واشنطن، في حين أنه نفسه لا يتردد في تبديل مواقفه على الإعلام وفق مزاجه السياسي: يدافع عن حزب الله حين يرضى، ويهاجمه حين يغضب.
في النهاية، يدرك الجميع أن التحريض لا يقدّم ولا يؤخّر إذا كان المستهدف به يقوم بواجباته وينفذ تعهداته. أما استعادة خطاب المظلومية والتباكي على المؤامرات، فهو مجرد غطاء للتلكؤ والتقصير، ولا قيمة له في ميزان السياسة الواقعية.