"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

لبنان يبيع الكلام ويشتري الخطر!

رئيس التحرير: فارس خشّان
الاثنين، 22 سبتمبر 2025

‎في زمنٍ تتكاثر فيه العواصف على أرضٍ أنهكها الانتظار، يطلّ توم براك، المبعوث الأميركي، ليهزّ جدران الصمت اللبناني بجرس إنذار لا يخطئه السمع. «بيّاع الكلام» هكذا يصف الدولة اللبنانية، في جملةٍ تختصر عقودًا من المراوحة بين التصريحات والجمود، بين الوعود والخيبات. ليست مجرد عبارة عابرة، بل صفعة سياسية في وجه سلطةٍ اعتادت أن تبيع الكلام وتشتري الوقت، فيما الزمن يضيق والخطر يقترب.

‎في قلب هذا المشهد، يرفع براك الستار عن أرقامٍ مذهلة: «حزب الله يتلقى خلال هذه الفترة ما يصل إلى 60 مليون دولار شهريًا من جهة ما»، ويضيف أن الحزب «يعيد بناء قوته» رغم كل ما يُشاع عن تراجعه. في بلدٍ ينهشه الانهيار، يطلّ الحزب كقوة مالية متجددة، قادرة على إعادة ترميم نفسها .هنا، لا يعود الحديث عن “مقاومة” أو “دولة”، بل عن ميزان قوى يُعاد رسمه فوق ركام الأزمات.

‎أما الدولة، في عيون براك، فهي «تقتصر على الكلام، من دون أي خطوات عملية»، وجيشها «منظمة جيدة لكنه ليس مجهزًا بشكل كافٍ». الدعوة واضحة، لا لبس فيها: «على الحكومة أن تعلن بوضوح أنها ستنزع سلاح حزب الله وتتحمل مسؤولياتها».

‎لكن من يسمع؟ ومن يجرؤ على الفعل في زمنٍ صار فيه الكلام ملاذًا أخيرًا للعاجزين؟

‎على الضفة الأخرى، يقف نتنياهو، الذي يعتبر براك أنّه«سيذهب إلى أي مكان ويفعل أي شيء إذا شعر أن إسرائيل مهددة». إسرائيل، التي «لديها خمس نقاط انتشار في جنوب لبنان ولن تنسحب منها»، تراقب وتستعد، فيما تُرفع رايات العداء في وجه حزب الله وإيران، ويُسمع صدى الدعوة إلى «قطع رؤوس هذه الأفاعي ومنع تمويلها».

‎هكذا، بينما تتهيأ إسرائيل لجولة جديدة من الحرب، يكتفي لبنان الرسمي وحزب الله بتبادل البيانات الطنّانة والرنانة، في مشهدٍ تتراكم فيه التحديات وتضيق فيه فسحة الأمل. جيشٌ محدود الإمكانات، وحكومةٌ تائهة بين الخوف والمسؤولية، وشعبٌ يراقب على حافة القلق.

‎في النهاية، رسائل توم براك ليست مجرد تحذيرات دبلوماسية، بل هي نذير مرحلة دقيقة، حيث لم يعد الكلام يُجدي، والاستعدادات على الأرض تسبق كل بيان. في لبنان، وحدها الحقيقة تزداد وضوحًا: من يبيع الكلام، يشتري الخطر.

المقال السابق
تأبين تشارلي كيرك: ترامب يصفه بـ"شهيد الحرية" وأرملته تسامح القاتل
رئيس التحرير: فارس خشّان

رئيس التحرير: فارس خشّان

مقالات ذات صلة

نعيم قاسم والسعوديّة!

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية