"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

لا تتشاءموا..فسلاحه لم يعد قدرًا!

رئيس التحرير: فارس خشّان
السبت، 2 أغسطس 2025

يكتسب الخطاب الذي ألقاه رئيس الجمهورية اللبنانية العماد جوزف عون، في الحادي والثلاثين من تموز الماضي، في مقر وزارة الدفاع الوطني في اليرزة، أهمية قصوى، بسبب تقديمه، للمرة الأولى، توصيفاً دقيقاً لانتهاء أي جدوى من سلاح “حزب الله”، بعدما تحوّل إلى عنوان أساسي من عناوين “الانهيار الوطني” وتفويت “فرصة الازدهار” على لبنان!

كلام عون قارب التطورات المتلاحقة في منطقة تشهد انقلابات جيو-سياسية ضخمة، وتعرف ديناميكيات مذهلة، وبات فيها سلاح “حزب الله” خارج المنطق الإيجابي، وحائلاً دون تمكين لبنان من التقاط “فرصة نادرة” متاحة!

وإذا كان الرئيس اللبناني، وفق ما يجمع عليه المراقبون، قد أجاد في توصيف الواقع وطرح الحلول، فإنّ السؤال الذي بادرت الغالبية إلى طرحه، يتمحور حول طريقة تنفيذ مضامين هذا الخطاب، في ظل تحدّ لا يمكن القفز فوقه، يتمثل في رفض “حزب الله” لهذا الطرح الرئاسي، وتفتيشه الدائم عن الذرائع، ولو كانت واهية، لتعينه على تبرير هذا الرفض أمام اللبنانيين عموماً وأمام البيئة الشيعية خصوصاً.

ولا تكمن صعوبة التنفيذ، في عدم وجود جدول زمني، قد يتمكن مجلس الوزراء من إيجاده في جلسته المقررة، الثلاثاء المقبل، وفق ما هو متوقع، أنّما في الآليات المعتمدة، إذ إن الطريق إلى “حصر السلاح بيد الدولة” محصور بالحوار والتفاهم، من جهة ومشروط بتنفيذ إسرائيل خطوات “تحريرية” تمهيدية، من جهةٍ أخرى.

وحتى تاريخه، يرفض “حزب الله” بشكل قاطع كل حديث عن تسليم سلاحه، في حين لا تقبل إسرائيل أن تناقش أيّ حل لأيّ ملف شائك، قبل تسليم السلاح!

حاول رئيس الجمهورية في خطابه الإيحاء أنّ الجيش اللبناني سيكون هو عنوان مواجهة كل من يمكن أن يقف في وجه تحقيق الفرصة المتاحة أمام لبنان واللبنانيين، ولكنّ كلامه لهذه الجهة بقي “فضفاضاً” جداً، خصوصاً أنّه جاء معطوفاً على تأكيده أن اللبنانيين تعبوا من حروب الآخرين على أرضهم ومن حروبهم هم!

وهذا يعني أنّ عون يرفع آليات الضغط المعنوي على “حزب الله” من خلال تحميله مسؤولية الكارثة التي سوف تتراكم إن هو أصرّ على مواصلة سيره في “مغامرة السلاح”.

ولكن هل يجدي كل ذلك نفعاً؟

الضغط المعنوي ضروري جداً، ومكاشفة الرأي العام بمخاطر عدم السير في خطة الدولة هو جزء لا بد منه لإنجاح هذه الضغوط، ولكنّها، في حالة “حزب الله” قد لا تجدي نفعاً، فهو، من دون أن يرف له جفن، أدخل لبنان، تحت عنوان “مساندة غزة” في حرب غير متوازنة ومكلفة جداً. وهو، عملياً، بسبب سلاحه، يتسبب باستمرار هذه الحرب، فالتدمير متواصل والاغتيالات مفتوحة والغارات متلاحقة، والاحتلال مستمر!

ولولا انعدام قدرة الحزب على مقارعة إسرائيل عسكرياً، في ضوء الخلل المذهل، في ميزان القوى والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، لكانت الأمور أدهى بكثير!

ومع ذلك، لا يبدو “حزب الله” مهتماً بكل هذه الخسائر، لأنّ منطق التنظيمات المسلحة يقوم على مبدأ الاستمرارية وكسب الوقت، بخلاف منطق الدول القائم على ميزان الربح والخسارة وعلى استراتيجيات الحد من الخسائر وعلى تكتيكات “توازن الردع”!

وبهذا المعنى، وعلى رغم أهمية خطاب عون، إلا أنّه قد لا يجدي نفعاً.

الخطاب الرئاسي يقوم على مبدأ المحافظة على لبنان من السقوط في الهاوية الضخمة التي يقف على مشارفها، وهو يستحيل، والحالة هذه، أن يصل إلى تفاهم مع خطاب “حزب الله”، القائم على التعافي في الهاوية!

وسبق للحكومة اللبنانية، أن تراجعت عن برنامج زمني وضعته لسحب السلاح الفلسطيني، على مراحل، من المخيمات الفلسطينية، بعدما رفض أصحاب السلاح التعاون معها. وهذا التراجع يخدم التشكيك في قدرة رئيس الجمهورية والحكومة على تنفيذ الـتعهدات”الإيجابية”!

بالمحصلة، في حال لم تكن هناك “قطبة مخفية” يُستد إليها عون صدقية خطاب اليرزة، فهو يكون قد غسل يديه من المخاطر المحدقة بلبنان، عسكرياً واقتصادياً ومالياً وإعمارياً وجغرافيا!

ولكن في المقابل، وفق ما يقول مصدر لبناني رفيع تمّت مناقشة نقاط هذه المقالة معه، فإنّ من المؤكد، أنّه حين يكون الخيار بين مواجهة “حزب الله” من جهة والسقوط في درك جديد من مدارك الجحيم من جهة ثانية، فحينها،“لكل حادث حديث”…”فلا تتشاءموا”!

المقال السابق
مجلس الوزراء اللبناني أمام محطة سيادية مفصلية وحزب الله يحاول "محاصرة" القرار لمصلحة "تأبيد" سلاحه
رئيس التحرير: فارس خشّان

رئيس التحرير: فارس خشّان

مقالات ذات صلة

سلاح مطرود من الشرعية!

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية